- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني ص 227 : - |
* ( خبر بشير الرحال في خروجه مع
إبراهيم بن عبد الله ) *
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى
المنجم قال : حدثني أبو زيد ، قال : حدثني عبد الله بن محمد العبسي عن أبيه ،
قال : لما عسكر إبراهيم خرجت لانظر إلى عسكره متقنعا ، فقال بشير : ويتقنعون
وينظرون من بعيد ! أفلا يتقنعون لله عزوجل في الحديد . قال : فخفته فجلست بين
الناس .
حدثنا يحيى ، قال : حدثنا أبو زيد قال : حدثنا
عمر ، قال : حدثني خلاد بن زيد ، قال : حدثني عثمان بن عمر ، قال أبو زيد :
وحدثني سعيد بن حبيب ، مولى بني حنيفة ، عن زياد بن إبراهيم ، قال أبو زيد :
وحدثني أيضا محمد بن موسى
الاسواري ، دخل حديث بعضهم في حديث بعض من قصة بشير الرحال :
وأول خبر خروجه مع إبراهيم أن السعر غلا مرة بالبصرة ، فخرج الناس معه على
الصعبة والذلول إلى الجبانة يدعون ، فكان القصاص يقومون فيتكلمون ثم يدعون ،
فوثب
بشير فقال : شاهت الوجوه ، ثلاثا ، عصي الله في كل شئ ،
وانتهكت الحرم ، وسفكت الدماء ، واستؤثر بالفئ ، فلم يجتمع منكم اثنان فيقولان
: هل نغير هذا وهلم بنا ندع الله أن يكشف هذا ، حتى إذا غلت أسعاركم في الدينار
بكيلجة ( 1 ) جئتم
على الصعب والذلول من كل فج عميق تصيحون إلى الله أن يرخص أسعاركم ، لا
أرخص الله أسعاركم ، وفعل بكم وفعل . قال : وصليت يوما إلى جنب بشير الرحال ،
وكان شيخا عظيم الرأس واللحية ، ملقيا رأسه بين كتفيه ، فمكث طويلا ساكتا ، ثم
رفع رأسه فقال ،
|
هامش |
|
|
( 1 ) الكيلجة : مكيال وجمعه كيالجة . ( * )
|
|
|
عليك أيها المنبر لعنة الله وعلى من حولك ، فوالله لولاهم ما
نفذت لله معصية ، وأقسم بالله لو يطيعني هؤلاء الابناء حولي لاقمت كل امرئ منهم
على حقه وصدقه ، قائلا للحق أو تاركا له ، وأقسم بالله لئن بقيت لاجهدن في ذلك
جهدي أو يريحني
الله من هذه الوجوه المشوهة المستنكرة في الاسلام . قال :
فوالله لخفنا ألا نتفرق حتى توضع في أعناقنا الحبال . قال وكان السائل يقف على
بشير يسأله فيقول له : يا هذا إن لك حقا عند رجل هاهنا ، وإن أعانني عليه هؤلاء
أخذت لك حقك فأغناك ،
فيقول السائل فأنا أكلمهم ، فيأتي الخلق في المسجد الجامع
فيقول : يا هؤلاء ، إن هذا الشيخ زعم أن لي حقا عند رجل ، وإنكم إن أعنتموه أخذ
لي حقي ، فأنشدكم الله إلا أعنتموه ، فيقولون له : ذلك شيخ يعبث . قال : وكان
بشير يقول يعرض بأبي
جعفر : أيها القائل بالامس : إن ولينا عدلنا ، وفعلنا وصنعنا
، فقد وليت فأي عدل أظهرت ؟ وأي جور أزلت ؟ وأي مظلوم أنصفت ؟ آه . ما أشبه
الليلة بالبارحة ( إن ) في صدري حرارة لا يطفيها إلا برد عدل أو حر سنان . (
وكان الذي خطب
بذلك محمد بن سليمان : قال : فبكى حتى كاد أن يسقط عن المنبر
. وأحبه النساك ، وقالوا : ملك مترف . وذكر ذنبه فأبكاه . فبكى ) .
* ( وصول مقتل محمد بن عبد الله إلى أخيه ) *
( إبراهيم ، وحركته للنهوض إلى باخمرى ، وتوجيه أبي جعفر
القواد إليه ومقتله )
حدثنا يحيى بن علي بن يحيى
المنجم ، قال : حدثنا عمر بن شبة ، قال ، حدثني محمد بن عبد الله بن حماد
الثقفي عمن أخبره ، قال أبو زيد ، وحدثني محمد ابن الحكم بن عبيدة ، عن جده
مسعود بن الحارث ، قال : لما كان يوم الفطر شهدنا إبراهيم ، وكنا قريبا من
المنبز ، وعبد الواحد بن زياد معنا ، فسمعت
إبراهيم يتمثل بهذه الابيات :
أبا المنازل ياخير الفوارس من * يفجع
بمثلك في الدنيا فقد فجعا
الله يعلم أنى لو خشيتهم * وأوجس القلب من خوف لهم فزعا
لم يقتلوه ولم أسلم أخي لهم * حتى نموت جميعا أو نعيش معا
ثم بكى فقال : اللهم إنك تعلم أن محمدا إنما خرج غضبا لك ، ونفيا لهذه المسودة
وإيثارا لحقك فأرحمه واغفر له ، واجعل الآخرة خير مرد له ، ومنقلب من الدنيا .
ثم جرض بريقه وتراد الكلام في فيه وتلجلج ساعة ، ثم انفجر باكيا منتحبا ، وبكى
الناس . قال : فوالله لرأيت عبد الواحد بن زياد اهتز له من قرنه إلى قدمه ، ثم
بلت دموعه لحيته .
حدثنا يحيى ، قال : حدثنا عمر ، قال : حدثنا عبد
الله بن شيبان ، قال : قال إبراهيم بن عبد الله : ما أتى علي يوم بعد قتل محمد
إلا استطلته حبا للحاق به .
حدثنا يحيى ، قال : حدثنا أبو زيد ، قال حدثنا
عمر عن النضر بن حماد وغيره : أن إبراهيم خرج فعسكر بالماجور يريد قصر أبي جعفر
بالكوفة وقتاله .
حدثنا يحيى ، قال : حدثنا عمر ، قال : حدثنا
سليمان بن أبي شيخ ، قال : حدثني عبد الواحد من آل خليفة بن قيس ، قال : كان
على ميسرة إبراهيم يزيد ابن لبيد اليشكري .
حدثني يحيى ، قال : حدثنا عمر قال : حدثني
إبراهيم بن سلام ، قال حدثني أخي عن أبي قال : كان على ميمنة إبراهيم عيسى بن
زيد . قال أبو الفرج : وهذا الحديث يبطل حديث الجعفري في اعتزال عيسى إبراهيم ،
وهذا أصح .
حدثنا يحيى بن علي ، قال : حدثنا عمر بن شبة ،
قال ، حدثني محمد بن معروف عن أبيه ، وحدثني محمد بن موسى الاسواري : أن أبا
جعفر كتب إلى عيسى ، وهو بالمدينة : إذا قرأت كتابي هذا فأقبل ،
ودع ما أنت فيه . فلم يلبث أن أقدم فوجهه على الناس ، وقدم
سلم بن قتيبة فضمه إلى جعفر بن سليمان ، وبعثه مع عيسى فأنف جعفر من طاعة عيسى
فكان في ناحية الناس .
أخبرنا يحيى بن علي . والعتكي عمربن عبد الله ،
قالا : حدثنا عمر شبة ، قال : حدثني عبد الله بن عبد الوارث ، قال : حدثنا هاشم
بن القاسم قال : أراد المضاء أن يبيت عيسى بن موسى فمنعه البشير .
حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سعيد بن ستيم عن عمه : أن عبد الواحد بن زياد
أشار على إبراهيم بأن يبيت عيسى ، فقالت الزيدية : إنما البيات من فعال السراق
. قال : فارجع إلى البصرة ودعنا نقاتل عيسى فان هزمنا امددتنا بالامداد ، فقالت
الزيدية : أترجع عن عدوك وقد رأيته ؟ قال : فخندق على عسكرك . فقالت
الزيدية : أتجعل بينك وبين الله جنة ؟ فقال عبد الواحد : أما لولا أن يقال :
إني أوردتك ثم لم أصدرك لعرفت وجه الرأي .
قال عمر : وحدثني إبراهيم بن سلم ، عن أخيه ، عن
أبيه سلم : أنه قال له : اجعل عسكرك كراديس ، إذا هزم منهم كردوس ثبت كردوس ،
فقالوا : لا نكون إلا صفا واحدا ، كما قال الله تعالى ( كأنهم بنيان مرصوص ) .
أخبرنا عمر بن عبد الله ، ويحيى بن علي ، قالا :
حدثنا عمر بن شبة، قال : حدثني إبراهيم بن محمد الجعفري ، قال : حدثني أبي ،
قال : لما تصاف العسكران ، خرج رجل أزرق طويل، لكأني أنظر إليه من عسكر عيسى
فقال : يا أصحاب إبراهيم أنا
والله قتلت محمدا . قال : فخرج إليه أربعة رهط من عسكر
إبراهيم كأنهم الصقور ، فابتدروه بأسيافهم فوالله ما قلت خالطوه حتى رجعوا
برأسه ، والله ما نصره أحد من أصحاب عيسى .
أخبرنا عمرو يحيى ، قالا : حدثنا عمر بن شبة ،
قال : حدثني أبو الحسن
على الحداد من أهل بغداد ، قال : حدثني مسعود الرحال الكوفي
قال : شهدت باخمري ، فاني لانظر إلى إبراهيم وهو في فسطاطه ، وبين يديه علم
مذهب مركوز فسمعته يقول : أين أبو حمزة ؟ فأقبل شيخ قصير على فرس ، فلما دنا
عرفت وجهه
، فإذا هو شيخ كان يعمل القلانس على باب دار ابن مسعود
بالكوفة فقال له : خد هذا العلم فقف به على الميسرة ولا تبرح . قال : فأخذ
العلم ووقف في الميسرة ، والتقى الصفان ، وقتل إبراهيم فانهزم أصحابه وإنه
لواقف مكانه ، فقيل له : ألا ترى
صاحبك قد قتل وذهب الناس ؟ قال : إنه قال لي : لا تبرح ،
فقاتل حتى عقر به ، ثم قاتل راجلا حتى قتل .
أخبرنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا عمر بن شبة ،
قال : حدثنا محمد بن زياد قال : حدثني الحسن بن حفص ، قال : سمعت شراحيل بن
الوضاح يقول : كنت مع عيسى بن موسى بباخمري فهزمنا حتى جعل عيسى يقول : أهي هي
؟ وأنا أقول في نفسي : اللهم حققها ، حتى وردنا على جدول ، فوالله ما تركته
ينفذ حتى عبرناه معا .
حدثنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا عمر بن شبة ،
قال : حدثني سهل بن عقيل ، قال : حدثني سلم بن فرقد ، قال ، وحدثني غيره ، قال
: لما التقوا هزم عيسى وأصحابه هزيمة قبيحة حتى دخل أوائلهم الكوفة ، وأمر أبو
جعفر باعداد الابل والدواب على جميع أبواب الكوفة ليهرب عليها .
قال أبو زيد : حدثني سهل بن عقيل ( 1 ) عن سلم بن
فرقد ، قال : تبعهم أصحاب إبراهيم ، وكان محمد بن أبي العباس معسكرا في ناحية ،
فلما رآهم لف أعلامه وانهزم ، وأخذ على مسناة منهزما ، وكان في المسناة تعريج
فنظروا إليه وقد صار
في طرفيها وبعد عنهم ، فكان يتبين لهم أنه خلفهم ، وأنه كمين
فصاحوا الكمين الكمين ، فانهزموا ، وجاء سهم بينهم فأصاب إبراهيم فسقط ، وأسنده
بشير
|
هامش |
|
|
( 1 ) تاريخ الاسلام للذهبي 7 - 100 - 1
( * )
|
|
|
الرحال إلى صدره حتى مات إبراهيم وهو في حجره ، وقتل بشير
وإبراهيم على تلك الحال في حجره وهو يقول ( وكان أمر الله قدرا مقدورا ) .
أخبرنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا عمر بن شبة ،
قال : حدثنا أخي أحمد ، وحفص بن حكيم : أن أبا جعفر وجل من إبراهيم حتى جعل
يقول ويلك يا ربيع ( 1 ) فكيف ولم ينلها أبناؤنا . فأين إمارة الصبيان ؟
أخبرنا يحيى بن علي ، وعمر ، قالا : حدثنا أبو
زيد ، قال : حدثني رجل عن هشام بن محمد ، قال : صبر مع إبراهيم أربعمائة
يضاربون دونه حتى قتل فجعلوا يقولون : أردنا أن نجعلك ملكا فأبى الله إلا أن
يجعلك شهيدا ، حتى قتلوا معه .
أخبرنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا عمر ، قال
حدثني عبد الحميد أبو جعفر، قال : سألت أبا صلابة : كيف قتل إبراهيم ؟ قال :
إني لانظر إليه واقفا على دابة محمد بن يزيد ، ينظر إلى أصحاب عيسى وقد ولوا
ومنحوه أكتافهم ، ونكص عيسى
برايته القهقري ، وأصحابه يقتلونهم وعلى إبراهيم قباء زرد ، فأذاه
الحر فحل أزرار القباء فشال الزرد حتى سال على يديه ، وحسر عن لبته ، فأتته
نشابة عائرة فأصابت لبته ، فرأيته اعتنق فرسه وكر راجعا ، وأطافت به الزيدية .
قال أبو زيد : فحدثني ابن أبي الكرام الجعفري أنه
شهد الاقطع مولى عيسى بن موسى وقد أتاه فقال : هذا وحياتك رأس إبراهيم في
مخلاتي ، فقال لي : اذهب فانظر فان كان رأسه فاحلف لي بالطلاق حتى أصدقك . وإن
لم يكن رأسه فاسكت ،
فاتيته فقلت : أرنيه فأخرجه يختلج خده ، فقلت ويلك ، كيف وصلت
إليه ؟ قال : أتته نشابة فأصابته فصرع ، وأكب عليه أصحابه يقبلون
|
هامش |
|
|
( 1 ) يريد الربيع بن يونس حاجبه ووزيره توفى الربيع كما قال الطبري في
سنة تسع وستين ومائة . راجع ابن خلكان 1
- 185 والوزراء والكتاب ص 25 وما بعدها .
( * )
|
|
|
يديه ورجليه ، فعلمت أنه هو ، فعلمت مكانه ، وجعل أصحابه
يقاتلون دونه لا يبالون ، فلما قتلوا أتيته واحتززت رأسه . قال : فأتيت عيسى
فأخبرته فنادى بالامان .
أخبرنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا أبو زيد ، قال
حدثني إبراهيم بن سلم عن أخيه علي قال : لما انهز منا يومئذ صرنا إلى عيسى بن
زيد فصبر مليا ثم قال : ما بعد هذا متلوم ، وانحاز فصرنا معه إلى قصره ، فكنا
فيه ، فأزمعنا على أن نبيت عيسى ابن موسى فلما انتصف الليل فقدنا عيسى فانتقض
أمرنا .
أخبرنا يحيى بن علي ، وعمر ، قالا : حدثنا أبو
زيد ، قال : حدثني علي ابن أبي هاشم ، قال : حدثنا اسماعيل بن علية ، قال : خرج
إبراهيم في رمضان ، سنة خمس وأربعين ومائة ، وقتل في ذي الحجة ، وكان شعارهم :
أحد أحد .
أخبرنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا أبو زيد ، قال
: حدثنا أبو نعيم ، قال : قتل إبراهيم يوم الاثنين ارتفاع النهار لخمس بقين من
ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة ، وأتى أبو جعفر برأسه ليلة الثلاثاء ، وبينه
وبين مقتله ثمانية عشر ميلا ، فلما أصبح يوم الثلاثاء أمر برأس إبراهيم فنصب
بالسوق ، فرأيته منصوبا مخضوبا بالحناء .
أخبرنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا أبو زيد ، قال
: حدثني عبد الحميد أبو جعفر قال: أخرج رأس إبراهيم ( فخرجت ومنادي أبي جعفر
ينادي هذا رأس الفاسق ابن الفاسق ، فرأيت رأس إبراهيم ) في سفط أحمر ، في منديل
أبيض ، قد غلف بالغالية
فنظرت إلى وجهه ( ؟ ) رجل سائل الخدين ، خفيف العارضين ، أقنى
، قد أثر السجود بجبهته وأنفه ، وشخص ابن أبي الكرام برأسه إلى مصر .
حدثنا علي بن الحسين ، قال : حدثني الحسين بن علي
السلولي ، قال : حدثنا
أحمد بن زيد ، قال حدثنا عمي أبو معمر سعيد بن خيثم ، قال :
حدثني يونس بن أبي يعقوب ، قال حدثنا جعفر بن محمد من فيه إلى أذني ، قال : لما
قتل إبراهيم ابن عبد الله بن الحسن بباخمري حسرنا عن المدينة ، ولم يترك فيها
منا محتلم ، حتى
قدمنا الكوفة ، فمكثنا فيها شهرا نتوقع فيها القتل ، ثم خرج
إلينا الربيع الحاجب فقال : أين هؤلاء العلوية ؟ أدخلوا على أمير المؤمنين
رجلين منكم من ذوي الحجى . قال : فدخلنا إليه أنا والحسن بن زيد ، فلما صرت بين
يديه قال لي : أنت الذي تعلم
الغيب ؟ قلت : لا يعلم الغيب إلا الله . قال : أنت الذي يجبى
إليك هذا الخراج . قلت : إليك يجبى - يا أمير المؤمنين - الخراج . قال : أتدرون
لم دعوتكم ؟ قلت : لا . قال : أردت أن أهدم رباعكم ، واروع قلوبكم ، وأعقر
نخلكم ، وأترككم
بالسراة ، لا يقربكم أحد من أهل الحجاز ، وأهل العراق ، فانهم
لكم مفسدة . فقلت له : يا أمير المؤمنين ، إن سليمان أعطى فشكر ، وإن أيوب
ابتلى فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت من ذلك النسل . قال فتبسم وقال : أعد
علي ، فأعدت فقال :
مثلك فليكن زعيم القوم ، وقد عفوت عنكم ، ووهبت لكم جرم أهل
البصرة ، حدثني الحديث الذي حدثتني عن أبيك ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى الله
عليه وآله . قلت : حدثني أبي ، عن آبائه : عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه
وآله : صلة
الرحم تعمر الديار ، وتطيل الاعمار ، وإن كانوا كفارا . فقال : ليس
هذا . فقلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال : الارحام معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني . قال
: ليس هذا .
فقلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى
الله عليه وآله أن الله عزوجل يقول : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسما
من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتته . قال : ليس هذا الحديث . قلت :
حدثني أبي ،
عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن ملكا
من الملوك في الارض كان بقى من عمره ثلاث سنين ، فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين
سنة . فقال : هذا الحديث أردت ، أي البلاد أحب اليك ؟ فوالله لاصلن رحمي اليكم
. قلنا : المدينة ، فسرحنا إلى المدينة ، وكفى الله مؤنته .
أخبرنا عمر ، ويحيى ، قالا : حدثنا عمر بن شبة ،
قال : حدثني عمر بن إسماعيل بن صالح بن هيثم ، قال : حدثني عيس بن رؤبة ، قال :
لما جئ برأس إبراهيم فوضع بين يدي أبي جعفر بكى حتى رأيت دموعه على خدي إبراهيم
، ثم قال : أما والله إن كنت لهذا كارها ، ولكنك ابتليت بي ، وابتليت بك .
حدثني أحمد بن محمد الهمداني، قال : قال يحيى بن
الحسن ، حدثني غير واحد عن علي بن الحسن، عن يحيى بن الحسين بن زيد عن أبيه
الحسين عن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي ، قال : كنت عند المنصور حين جئ برأس
إبراهيم بن عبد الله ،
فأتى به في ترس حتى وضع بين يديه ، فلما رأيته نزت من أسفل
بطني غصة فسدت حلقي ، فجعلت أداري ذلك مخافة أن يفطن بي ، فالتفت إلي فقال لي :
يا أبا محمد أهو هو . قلت : نعم يا أمير المؤمنين ولوددت أن الله فاء به إلى
طاعتك ، وإنك
لم تكن نزلت منه بهذه المنزلة. قال : فأنا وإلا فأم موسى
الطلاق - وكانت من غاية أيمانه - لوددت أن الله فاء به إلى طاعتي، وأنى لم أكن
نزلت منه بهذه المنزلة ، ولكنه أراد أن ينزلنا
بها ، وكانت أنفسنا أكرم علينا من نفسه .
حدثنا أحمد بن سعيد قال : حدثنا يحيى بن الحسين ،
قال ، حدثنا هارون ابن موسى ، قال : حدثني عبد الله بن نافع ، قال : لما وضع
رأس إبراهيم بين يدي أبي جعفر تمثل :
فألقت عصاها واستقرت بها النوى * كما
قر عينا بالاياب المسافر
أخبرنا عمر بن عبد الله العتكي ، ويحيى بن علي ،
قالا : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثنا محمد بن زياد ، قال : حدثني الحسن بن
جعفر ، قال : كنت بالكوفة فرأيت فل عيسى بن موسى قد دخل الكوفة نهارا ، فلما
كان الليل رأيت فيما يرى النائم
كأن نعشا تحمله رجال يصعدون به إلى السماء ويقولون : من لنا
بعدك يا إبراهيم ؟ قال : وأيقظني أخي من نومي فقلت : مالك ؟ فقال : أسمع
التكبير على باب أبي جعفر ، ولا والله ما كبروا باطلا ، فإذا الخبر قد جاء بقتل
إبراهيم ( بن عبد الله ) بن الحسن بن الحسن .
|