* ( أيام أبي العباس السفاح ) *
قال أبو الفرج علي بن الحسين
الاصبهاني رحمه الله : ولا أعلمه قتل احدا منهم ، ولا اجرى إلى جليس له مكروها
إلا أن محمدا وإبراهيم خافاه فتواريا عنه ، وكانت بينه وبين أبيهما مخاطبات في
أمرهما . منها ما اخبرني به عمر بن عبد الله بن
جميل العتكي قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثني محمد بن يحيى
قال : لما تولى أبو العباس ، وفد إليه عبد الله بن الحسن ابن الحسن واخوه الحسن
بن الحسن ، فوصلهما وخص عبد الله وآخاه وآثره حتى كان يتفضل بين يديه في ثوب ،
وقال له :
ما رأى امير المؤمنين غيرك على هذا الحال ولكن امير المؤمنين
إنما يعدك عما ووالدا . وقال له : إنى كنت احب أن اذكر لك شيئا . فقال عبد الله
: ما هو يا امير المؤمنين ؟ فذكر ابنيه محمدا ، وإبراهيم ، وقال : ما خلفهما
ومنعهما ان يفدا إلى امير
المؤمنين مع اهل بيتهما ؟ قال : ما كان تخلفهما لشئ يكرهه
امير المؤمنين . فصمت أبو العباس ثم سمر عنده ليلة أخرى فأعاد عليه ، ثم فعل
ذلك به مرارا ، ثم قال له : غيبتهما بعينك ، أما والله ليقتلن محمد على سلع
وليقتلن إبراهيم على النهر العياب .
فرجع عبد الله ساقطا مكتئبا فقال له اخوه الحسن بن الحسن :
مالي أراك مكتئبا ؟ فأخبره ، فقال : هل انت فاعل ما اقول لك ؟ قال : ما هو ؟
قال . إذا سألك عنهما فقل : عمهما حسن اعلم الناس بهما فقال له عبد الله وهل
انت محتمل ذلك لي ؟ قال :
نعم . فدخل عبد الله على ابي العباس كما كان يفعل ، فرد عليه
ذكر ابنيه فقال له : عمهما يا امير المؤمنين اعلم الناس بهما فاسأله عنهما ،
فصمت عنه حتى افترقا ثم ارسل إلى الحسن فقص عليه ذلك فقال يا امير المؤمنين
اكلمك على هيبة الخلافة أو كما يكلم الرجل ابن عمه ؟
قال بل كما يكلم الرجل ابن عمه ، فإنك واخاك عندي بكل منزلة .
قال : إنى اعلم ان الذي هاج لك ذكرهما بعض ما قد بلغك عنهما فأنشدك الله هل تظن
ان الله إن كان قد كتب في سابق علمه ان محمدا وإبراهيم وال ( 1 ) من هذا الامر
شيئا ثم اجلب
اهل السماوات والارض بأجمعهم على ان يردوا شيئا مما كتب الله
لمحمد وإبراهيم اكانوا راديه ؟ وإن لم يكن كتب لمحمد ذلك انهم حائزون إليه شيئا
منه ؟ فقال : لا والله ما هو كائن إلا ما كتب الله . فقال : يا امير المؤمنين
ففيم تنغيصك على هذا الشيخ
نعمتك التي اوليته وإيانا معه ؟ . قال : فلست بعارض لذكرهما
بعد مجلسي هذا ما بقيت إلا ان يهيجني شئ فأذكره . فقطع ذكرهما وانصرف عبد الله
إلى المدينة .
اخبرني احمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن
الحسن بن جعفر قال: حدثني علي بن احمد الباهلي قال : سمعت مصعب بن عبد الله
يقول : اخبرني عمر ابن عبد الله العتكي قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثنا
موسى بن سعيد بن عبد الرحمن
وايوب بن عمر عن اسماعيل بن ابي عمرو قالوا : لما بنى أبو
العباس بناءه بالانبار الذي يدعى برصافة ابي العباس . قال لعبدالله بن الحسن :
ادخل معي فانظر فدخل معه فلما رآه قال : الم تر حوشبا ؟ ثم قطع . فقال له أبو
العباس : انفذه . قال .
يا امير المؤمنين ما اردت إلا خيرا . فقال . والعظيم لا تريم
أو تنفذه فقال :
الم تر حوشبا امسى يبني * بيوتا نفعها
لبني نفيلة
يؤمل ان يعمر الف عام * وامر الله يطرق كل ليله
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) - في تاريخ بغداد " إن قدر الله لمحمد وإبراهيم ان يليا من هذا
الامر شيئا فجهدت وجهد اهل الارض معك ان يردوا ما قدر لهما اتردونه قال
. لا . قال فأنشدك الله إن كان لم يقدر لهما ان يليا من هذا الامر شيئا
فاجتمعا واجتمع اهل الارض معهما على ان ينالا ما لم يفدر لهما .
اينالانه ؟ قال لا . " ( * )
|
|
|
قال عمر بن شبة في حديثه عن موسى بن سعيد . فاحتملها أبو
العباس ولم يتلفه بها . وقال مصعب . فقال له . ما اردت بهذا ؟ فقال . ازهدك في
القليل الذي بنيته .
اخبرني عمر بن عبد الله العتكي قال . حدثنا عمر
بن شبة قال . حدثني يعقوب ابن القاسم قال . حدثني عمرو بن شهاب حدثني احمد بن
سعيد قال . حدثنا يحيى ابن الحسن عن الزبير وحدثني حرمى بن ابي العلاء قال .
حدثنا الزبير عن محمد بن الضحاك . ان ابا العباس كتب إلى عبد الله بن الحسن في
تغيب ابنيه :
اريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من
خليلك من مراد
وقال عمر بن شبة عن رجاله . إنه كتب به إلى محمد فأجابه
بالابيات . ذكر الزبير عن محمد بن الضحاك : انها لعبدالله بن الحسن بن الحسن
وذكر عمر بن شبة : انهم بعثوا إلى عبد الرحمن بن مسعود مع ابي حسن فأجابه بهذه
الابيات :
وكيف يريد ذاك وانت منه * بمنزلة
النياط من الفؤاد
وكيف يريد ذاك وانت منه * وزندك حين يقدح من زناد
وكيف يريد ذاك وانت منه * وانت لهاشم راس وهاد
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا عمر بن شبة
قال : حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن ابي طالب قال : حدثنا
الحسين بن زيد قال : حدثني عبد الله بن الحسن قال : بينا أنا في سمر مع ابي
العباس ، وكان إذا تثاءب أو القى
المروحة قمنا فألقاها ليلة فقمنا فأمسكني فلم يبق غيري .
فأدخل يده تحت فراشه فأخرج إضبارة كتب فقال : اقرأ يا ابا محمد فقرأت فإذا كتاب
من محمد إلى هشام بن عمرو بن البسطام التغلبي يدعوه إلى نفسه . فلما قرأته قلت
: يا أمير المؤمنين لك
عهد الله وميثاقه ألا تر منهما شيئا تكرهه ما كانا في الدنيا
. قال أبو الفرج : ولعبدالله وولده في ايام ابي العباس وقبلها مع بني أمية
اخبار في هذا الجنس من تغيبهما وطلبهم أياهما كرهت الاءطالة بذكرها واقتصرت على
هذه الجملة منها .