- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني  ص 358 : -

* ( محمد بن جعفر بن محمد ) *

خبر محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام قالوا : وظهر في هذه الايام محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة ودعا إلى نفسه . وبايع له أهل المدينة بامرة المؤمنين ، وما بايعوا عليها بعد الحسين بن علي أحدا

سوى محمد بن جعفر بن محمد . وأم محمد بن جعفر أم ولد . ويكنى أبا جعفر . وكان فاضلا مقدما في أهله . وأمر المأمون آل أبي طالب بخراسان أن يركبوا مع غيره من آل أبي طالب فأبوا أن يركبوا إلا معه فأقرهم .


وقد روى الحديث وأكثر الرواية عن أبيه ، ونقل عنه المحدثون مثل : محمد بن أبي عمر العبدي ، ومحمد بن سلمة ، وإسحاق بن موسى الانصاري ، وغيرهم من الوجوه .


قال أبو الفرج : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن منصور قال : ذكر محمد بن جعفر بحضرة أبي الطاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله ، فسمعنا أبا الطاهر يحسن الثناء عليه ، وقال : كان عابذا فاضلا ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما


قال أبو الفرج : حدثني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال أخبرنا يحيى بن الحسن قال : سمعت مؤملا يقول : رأيت محمد بن جعفر يخرج إلى الصلاة بمكة في سنة بمائتي رجل من الجارودية وعليهم ثياب الصوف ، وسيماء الخير ظاهر . 
 

- ص 359 -

قال أبو الفرج : حدثني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى ، قال : كانت خديجة بنت عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين تحت محمد بن جعفر بن محمد ، وكانت تذكر أنه ما خرج من عندهم قط في ثوب فرجع حتى يهبه .


حدثني أحمد ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا موسى بن سلمة ، قال : كان رجل قد كتب كتابا في أيام أبي السرايا يسب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وجميع أهل البيت ، وكان محمد بن جعفر معتزلا تلك الامور لم يدخل في شئ منها

، فجاء الطالبيون فقرءوه عليه فلم يرد عليهم جوابا حتى دخل بيته ، فخرج عليهم وقد لبس الدرع ، وتقلد السيف ، ودعا إلى نفسه ، وتسمى بالخلافة وهو يتمثل :

لم أكن من جناتها علم الله * وإنى بحرها اليوم صالي


قال يحيى بن الحسن : فسمعت إبراهيم بن يوسف يقول : كان محمد بن جعفر قد أصاب أحد عينيه شئ فأثر فيها ، فسر بذلك وقال : لارجو ا أن أكون المهدي القائم ، قد بلغني أن في إحدى عينيه شيئا ، وأنه يدخل في هذا الامر وهو كاره له .


قال أبو الفرج : أخبرنا أحمد بن عبيدالله بن عمار ، قال : حدثنا محمد بن علي المدائني ، قال : حدثنا إسحاق بن موسى الانصاري ، قال سمعت محمد بن جعفر يقول : شكوت إلى مالك بن أنس ما نحن فيه وما نلقى ، فقال : اصبر حتى يجئ تأويل هذه الآية ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) .


أخبرني أحمد بن عبيدالله ، عن علي بن محمد النوفلي عن أبيه ، وأخبرني علي بن الحسين بن علي بن حمزة العلوي ، عن محمد ، عن عمه . أن جماعة من الطالبيين اجتمعوا مع محمد بن جعفر ، فقاتلوا هارون بن المسيب بمكة قتالا شديدا ، وفيهم

الحسين بن الحسن الافطس ، ومحمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن ، ومحمد ابن الحسن المعروف بالسيلق ، وعلي بن الحسين بن عيسى بن زيد ، وعلي بن الحسين 
 

- ص 360 -

ابن زيد ، وعلي بن جعفر بن محمد ، فقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة ، وطعنه خصي كان مع محمد بن جعفر فصرعه . وكر أصحابه فتخلصوه ، ثم رجعوا فأقاموا بثبير في جبله مدة ، وأرسل هارون إلى محمد بن جعفر وبعث إليه ابن أخيه علي

بن موسى الرضا ، فلم يصغ إلى رسالته . وأقام على الحرب . ثم وجه إليه هارون خيلا فحاصرته في موضعه ، لانه كان موضعا حصينا لا يوصل إليه ، فلما بقوا في الموضع ثلاثا ونفذ زادهم وماؤهم ، جعل أصحابه يتفرغون ويتسللون يمينا

وشمالا ، فلما رأى ذلك لبس بردا ونعلا ، وصار إلى مضرب هارون فدخل إليه وسأله الامان لاصحابه ، ففعل هارون ذلك . هكذا ذكره النوفلي . وأما محمد بن علي بن حمزة فإنه ذكر أن هذا كان من جهة عيسى الجلودي لا من جهة هارون ، ثم

وجه إلى أولئك الطالبيين فحملهم مقيدين في محامل بلا وطاء ليمضى بهم إلى خراسان ، فخرجت عليهم بنو نبهان. وقال علي بن محمد النوفلي : خرج عليهم الغاضريون بزبالة ، فاستنقذوهم منه بعد حرب طويلة صعبة ، فمضوا هم بأنفسهم إلى الحسن

بن سهل ، فأنفذهم إلى خراسان إلى المأمون . فمات محمد بن جعفر هناك ، فلما أخرجت جنازته دخل المأمون بين عمودي السرير فحمله حتى وضعه في لحده ، وقال : هذه رحم مجفوة منذ مائتي سنة ، وقضى دينه ، وكان عليه نحوا من ثلاثين ألف دينار . 

 

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب