* ( إظهار محمد بن عبد الله بن الحسن
الدعوة لنفسه ) *
قال أبو الفرج علي بن الحسين :
وكانت دعوة محمد إلى نفسه ، ودعوة أبيه ومن دعا إليه من أهله ، بعقب قتل الوليد
بن يزيد ، ووقوع الفتنة بعده . وقد كان سعى به إلى مروان بن محمد . فقال : لست
أخاف أهل هذا البيت لانه لاحظ لهم في الملك
إنما الحظ لبني عمهم العباس وبعث إلى عبد الله بن الحسن بمال
واستكفه ، وأوصى عامله بالحجاز أن يصونهم ولا يعرض لمحمد بطلب . ولا إخافة إلا
أن يستظهر حربا أو شقا لعصا . ثم أظهر دعوته في أيام أبي العباس ، وكان إليه
محسنا فعاتب إياه في ذلك وكفه فلما ولي أبو جعفر جد في طلبه ، وجد هو في أمره
إلى أن ظهر .
أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم ، والجوهري ،
والعتكي قالوا أخبرنا أبو زيد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثني ابن أبي
ثابت ، عن أبي العباس الفلسطي قال : قلت لمروان بن محمد : جد محمد بن عبد الله
بن الحسن ، فانه يدعى هذا
الامر ويتسمى بالمهدي فقال : مالي وله ما هو به ولا من بني
أبيه وإنه لابن أم ولد . فلم يهجه مروان حتى قتل . قال محمد بن يحيى ، وحدثني
الحرث بن إسحاق : أن مروان لما بعث عبد الملك بن عطية السعدي لقتال الحرورية
لقيه أهل المدينة سوى عبد الله بن الحسن وابنيه محمد وإبراهيم ، فكتب بذلك إلى
مروان ، وكتب إليه إني هممت
بضرب أعناقهم . فكتب إليه مروان ألا تعرض لعبدالله ولا لابنيه
فليسو بأصحابنا الذين يقاتلونا أو يظهرون علينا . قال أبو زيد ، وحدثني عيسى بن
عبد الله عن ابيه قال : ارسل مروان بن محمد إلى عبد الله بن الحسن بعشرة الف
دينار وقال له : اكفف
عني ابنيك وكتب إلى عامله بالمدينة ان استتر بثوب منك فلا
تكشفه عنه وإن كان جالسا على جدار فلا ترفع راسك إليه .
قال أبو زيد وحدثني عبد الملك
بن سنان قال : قال مروان بن محمد لعبدالله ابن الحسن : إئتني بابنك محمد . قال
: وما تصنع به يا امير المؤمنين ؟ قال : لا شئ إلا انه إن اتانا اكرمناه وإن
قاتلنا قاتلناه وإن بعد عنا لم نهجه .
قال أبو زيد ، وحدثني يعقوب بن
القاسم عن الحسين بن عيسى الجعفي عن المغبرة بن زميل العنبري . ان مروان بن
محمد قال له - يعني لعبدالله بن الحسن - ما فعل مهديكم ؟ قال . لا تقل ذلك يا
امير المؤمنين فليس كما يبلغك . فقال . بلى ولكن يصلحه الله ويرشده .
اخبرني عيسى بن الحسين . قال .
حدثنا احمد بن الحرث عن المدائني قال . بلغني ان عبد الملك بن عقبة اجتاز بحاج
مشرف على الطريق ، ومحمد ابن عبد الله ابن الحسن مطلع من خوخة ، فقال رجل لابن
عطية . ارفع راسك ، فانظر إلى محمد بن
عبد الله بن الحسن فطأطأ راسه وقال للرجل . إن امير المؤمنين
يعني مروان بن محمد - قال لي . إن استتر منك بثوب فلا تكشفه عنه ، وإن كان
جالسا على جدار فلا ترفع راسك إليه ومضى .
* ( أمر محمد بن عبد الله ومقتله ) *
قال أبو الفرج الاصبهاني رحمه
الله . وكان سبب عجلته بالخروج قبل ان يتم امر دعاته الذين أنفذهم إلى الآفاق
إنفاذ عبد الله بن الحسن إليه موسى أخاه ليصير إلى أبي جعفر ويزول عما كان عليه
فيما أظهره له وأسر إلى موسى غير ذلك فصار إلى
المدينة فأقام بها حولا يدافع رياح بن عثمان ثم استبطأه وكتب
إلى أبي جعفر في أمره يعلمه بتربصه فكتب إليه يأمره بأن ينحدر إلى العراق ففعل
ذلك ، وقال للرسل . ان رأيتم أحدا قد اقبل من المدينة في طلبكم فاضربوا عنق
موسى وقد كان احس
بخبر محمد ، وبلغ ذلك محمدا فظهر . وكان اول ما سئل عنه رياح
بن عثمان امر موسى فعرفه خبره وانه تقدم إلى الرسل ان يضربوا عنقه إن جاءهم
إنسان فقال من لي بموسى ؟ فقال ابن خضير : انا فأنفذ معه فوارس واستدار بهم حتى
اتى القوم من امامهم كأنهم اقبلوا من العراق فلم ينكروهم حتى خالطوهم فأخذوا
موسى منهم .
حدثني بذلك عمر بن عبد الله قال . حدثنا أبو زيد
قال . حدثني موسى ابن عبد الله عن ابيه ، عن جده موسى . واخبرني عمر ، قال .
حدثنا عمر بن شبة . قال . حدثني القاسم بن ابي شيبة قال . حدثنا أبو نعيم الفضل
بن دكين . ان عبيدالله بن عمر ،
وابن ذئب وعبد الحميد بن جعفر ، دخلوا على محمد بن عبد الله
قبل خروجه فقالوا له . ما تنتظر بالخروج والله ما تجد هذه الامة احدا اسأم منك
عليها ما يمنعك ان تخرج ولو وحدك ؟ اخبرني عمر قال .
حدثنا أبو زيد قال حدثنا عيسى قال . حدثني ابي
قال بعث إلينا رياح فأتيته انا وجعفر بن محمد والحسين بن علي بن الحسين وعلي بن
عمر بن علي والحسن بن الحسين ورجال من قريش فيهم اسماعيل بن ايوب المخزومي
وابنه فانا لعنده في دار
مروان إذ سمعنا التكبير قد حال دون كل شئ وظنناه انه من عند
الحرس وظن الحرس انه من الدار فوثب ابن مسلم بن عقبة وكان مع
رياح فاتكأ على سيفه ، وقال : أطعني في هؤلاء فأضرب أعناقهم .
فقال علي بن عمر فكدنا والله تلك الليلة ان نطيح حتى قام الحسين بن علي فقال :
والله ما ذلك لك ، إنا لعلى السمع والطاعة . وقام رياح ومحمد بن عبد العزيز
فدخلا في دار يزيد ،
واختفيا فيها . وقمنا فخرجنا من دار عبد العزيز بن مروان حتى
تصورنا على كناسة كانت في زقاق عاصم بن عمر ، فقال اسماعيل بن أيوب لابنه خالد
: يا بني : والله ما تجيبني نفسي إلى الوثوب ، فارفعني فرفعه .
قال أبو زيد : فحدثني محمد بن يحيى ، قال : حدثنا
عبد العزيز بن عمار ، قال : حدثني أبي قال : والله انا لعلى ذلك إذ طلع فارسان
من قبل الزوراء يركضان حتى وقفا بين دار عبد الله بن مطيع ، ورحبة القضاء ، في
موضع السقاية ، فقلنا الامر
والله جد ، ثم سمعنا صوتا بعيدا فأقمنا طويلا فأقبل محمد بن
عبد الله من الدار وهو علي حمار ومعه مائتان وخمسون راجلا حتى إذا ( سرع ) على
بني سلمة وبطحان قال : اسلكوا بني سلمة تسلموا ان شاء الله . قال : فسمعنا
تكبيرة ثم علا الصوت
فأقبل حتى إذا خرج من زقاق بن حضير استبطأ حتى جاء على
التمارين ودخل من أصحاب الاقفاص ، فأتى السجن وهو يومئذ في دار ابن هشام ، فدقه
وأخرج من كان فيه ، ثم أتى الرحبة حتى جاء إلى بيت عاتكة فجلس على بابها وتناوش
الناس فقيل دخل سيدي ( 1 ) .
أخبرني يحيى بن علي . قال : حدثنا عمر بن شبة قال
: حدثني يعقوب ابن القاسم عن علي بن أبي طالب ، وحدثني عمر بن راشد وكان قد
أدرك ذلك قال : خرج محمد بن عبد الله لليلتين بقيتا من جمادي سنة خمس وأربعين
ومائة ، وعليه قلنسوة
صفراء ( مصرية وجبة صفراء ) وعمامة قد شد بها حقويه ( وأخرى
قد اعتم بها ) متوشحا سيفا ، وهو يقول لاصحابه : لا تقتلوا . لا تقتلوا وتعلق
رياح
|
هامش |
|
|
( 1 ) وتناوش الناس حتى قتل رجل سندي كان يستصبح في المسجد ، قتله رجل
من أصحاب محمد . ( * )
|
|
|
( في مشربة ) في دار مروان ، وأمر بالدرجة فهدمت ، فصعدوا
إليه وأنزلوه وحبسوا معه أخاه العباس بن عثمان وابن مسلم بن عقبة في دار مروان
.
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا أبو زيد قال
: حدثنا أزهر بن سعد ، قال : دخل محمد المسجد قبل الفجر فخطب الناس ثم حضرته
الصلاة فنزل فصلى ، وبايعه الناس طوعا إلا أناسا ( أرسل إليهم ) .
أخبرني عمر ، قال : حدثنا أبو
زيد قال : حدثني عبد الله بن عمر بن حبيب قال : حدثني من حضر محمدا على المنبر
يخطب فاعترض بلغم في حلقه فتنحنح فذهب ، ثم عاد فتنحنح ، ثم نظر فلم ير موضعا ،
فرمى نخامته السقف سقف المسجد ، فألصقه به .
أخبرني عمر قال : حدثنا أبو زيد
قال حدثني محمد بن معروف قال حدثني الربيع بن عبد الله بن الربيع عن أبيه قال:
إنا لنزول حول أساس المدينة في أبنية من الفساطيط والاخبية إذ قيل لنا : ركب
أمير المؤمنين ، فخرجت أتبعه فوجدت عيسى بن علي،
فوقفنا له فمر بنا على معتاق وبياع فسلمنا عليه فلم يستصحبنا
فجعلنا نسير وراءه ما يجاوز طرفه عرف الفرس ، ثم قال للطوسي : علي بأبي العباس
فأتى بعيسى بن علي فسار عن يمينه ، ثم قال : علي بالربيع ، فدعيت فسرت عن يساره
فقال :
قد خرج ابن عبد الله الكذاب ابن الكذاب بالمدينة. فقلت : يا
أمير المؤمنين الا أحدثك حديثا حدثنيه سعيد بن جعدة قال: ما هو ؟ قلت : أخبرني
انه كان مع مروان يوم الزاب ، وعبد الله بن علي يقاتله فقال : من في الخيل ؟
فقيل : عبد الله بن علي فلم
يعرفه ، فقيل : الشاب الذي أتيت به من عسكر عبد الله بن
معاوية قال : نعم والله لقد أخبرت عنه يومئذ فأردت قتله ثم بت على ذلك وأصبحت
عليه ، وجلست وأنا أريده ثم أطلقته وكان امر الله قدرا مقدورا والله لوددت ان
علي بن أبي طالب في هذه الخيل مكانه لانه لا يتم لعلي ولا لولده من هذا الامر
شئ .
قال : الله أسعيد حدثك هذا ؟ قلت : بنت أبي سفيان بن معاوية
طالق إن لم يكن حدثنيه . قال : فاصفر وجهه وتحدث ، وقد كان أبلس فلم ينطق .
أخبرني عمر قال : حدثنا أبو زيد قال : حدثني عيسى
بن عبد الله عن سعيد البربري قال : لما بلغ ابا جعفر خروج محمد بالمدينة تنجد
وقال غيره : قال للرسول قتلته والله إن كنت صادقا .
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا أبو زيد قال
حدثني محمد بن أبي حرب ، قال : لما بلغ ابا جعفر ظهور محمد اشفق منه فقال له
الحارثي المنجم : ما جزعك منه ؟ فوالله لو ملك الارض ما لبث إلا تسعين يوما
أخبرنا عمر قال: حدثنا أبو زيد قال: حدثنا عبد
الملك بن سليمان قال : حدثنا حبيب بن مروان قال : وحدثني نسيم بن الجواري قال
أبو زيد : وحدثني العباس بن سفيان ، مولى الحجاج بن يوسف : ان ابا جعفر لما خرج
محمد ابن عبد الله قال : إن هذا
الاحمق - يعني عبد الله بن علي - لا يزال يطلع له الرأي الجيد
في الحرب فادخلوا إليه فشاوروه ولا تعلموه اني امرتكم . فدخلوا عليه ، فلما
رآهم قال : لامر ما جئتم ما جاء بكم جميعا وقد هجر تموني منذ دهر ؟ قالوا :
استأذنا امير المؤمنين فأذن
لنا . قال : لبس هذا بشئ فما الخبر ؟ قالوا : خرج محمد بن عبد
الله . قال : إن المحبوس محبوس الرأي فقولو له : يخرجني ( حتى يخرج رايي ) فقال
أبو جعفر لو طرق محمد على الباب ما اخرجته وانا خير له منه وهو ملك اهل بيته .
فقال
عبد الله : إن البخل قد قتل ابن سلامة فمروه فليخرج الاموال
وليعط الاجناد فان غلب فما اوشك ما يعود إليه ماله وإن غلب لم يقدم صاحبه على
درهم وان يعجل الساعة حتى يأتي الكوفة فيجثم على اكبادهم فإنهم شيعة اهل البيت
ثم يحفظها بالمسالح فمن
خرج منها إلى وجه من الوجوه أو اتاها ( من ) وجه من الوجوه
ضرب عنقه فليبعث إلى مسلم بن قتيبة فينحدر عليه - وكان بالري - وليكتب
إلى أهل الشام فليأمرهم فليحملوا إليه أهل البأس والنجدة ما
يحمله البريد فليحسن جوائزهم ويوجههم مع مسلم بن قتيبة . ففعل .
أخبرني عمر بن عبد الله قال :
حدثنا أبو زيد قال : حدثني عبد الملك ابن شيبان ، قال أخبرني زيد مولى مسمع بن
عبد الملك قال : لما ظهر محمد بن عبد الله دعا أبو جعفر عيسى ، فقال له : قد
ظهر محمد فسر إليه قال : يا أمير المؤمنين هؤلاء عمومتك حولك فادعهم وشاورهم .
قال : فأين قول ابن هرمة :
نزور امرءا لا يمحض القوم سره * ولا
ينتجي الاذنين فيما يحاول
إذا ما أتى شيئا مضى كالذي اتى * وما قال إني فاعل فهو فاعل
وقال احمد بن الحرث الخزاز عن المدائني ، قال : امر أبو جعفر عيسى : إذا قتل
محمدا إن قدر ان لا يذبح طائرا فليفعل وقال له : افهمت يا ابا موسى - ثلاثا -
قال : فهمت . قال : فنفذ عيسى ومعه اربعة آلاف ، ومحمد بن ابي العباس ومحمد
بن زيد ابن علي بن الحسين والقاسم بن الحسن بن زيد ومحمد بن
عبد الله الجعفري وحميد بن قحطبة . فسار عيسى وبلغ محمدا مسيره فخندق على
المدينة خندق رسول الله صلى الله عليه وآله ، وخندق على افواه السكك ، فلما كان
عيسى بفيد
كتب إلى محمد بن عبد الله يعطيه الامان ، وبعث بكتابه إليه
وإلى اهل المدينة مع محمد ابن زيد فتكلم فقال : يا اهل المدينة ، انا محمد بن
زيد ، والله لقد تركت امير المؤمنين حيا ، وهذا عيسى بن موسى قد اتاكم وهو يعرض
عليكم الامان . وتكلم
القاسم بن الحسن بمثل ذلك فقال اهل المدينة : قد خلعنا ابا
الدوانيق فكتب محمد إلى عيسى يدعوه إلى طاعته ، ويعطيه الامان . قال المدائني
فحدثني عبد الحميد بن جعفر عن عبد الله بن ابي الحكم قال : قال محمد : اشيروا
علي في الخروج عن
المدينة أو المقام - حين دنا عيسى بن موسى من المدينة - فقال قوم : نقيم
وقال قوم نخرج فقال لعبد الحميد
ابن جعفر : اشر علي يا ابا جعفر ؟ قال : اتت في اقل بلاد الله
فرسا وطعاما واضعفه رجلا واقله مالا وسلاحا تريد ان تقاتل اكثر الناس مالا
واشده رجالا واكثره سلاحا واقدره على الطعام؟ الراي ان تسير بمن اتبعك إلى مصر
( فوالله لا يردك راد )
فتقاتل بمثل سلاحه ( وكراعه ) ورجاله وماله . فقال جبير بن
عبد الله : اعيذك بالله ان تخرج من المدينة فان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال عام احد : رأيتني ادخلت يدي في درع حصينة فأولها بالمدينة . فترك محمد ما
اشار به عبد الحميد واقام .
قال المدائني : واقبل عيسى بن موسى إلى المدينة فكان اول من
لقيهم ابراهيم ابن جعفر الزبيري على بنية واقم فعثر فرسه فسقط وقتل . وسلك عيسى
بطن فراة حتى ظهر على الجرف فنزل قصر سليمان بن عبد الملك صبيحة اثنتى عشرة
ليلة من
شهر رمضان سنة خمس واربعين ومائة يوم السبت ، وأراد ان يؤخر
القتال حتى يفطر ، فبلغه ان محمدا يقول : إن أهل خراسان على بيعتي وحميد بن
قحطبة قد بايعني ، ولو قدر ان ينفلت فلت . فعاجلهم عيسى بالقتال فلم يشعر اهل
المدينة يوم
الاثنين للنصف من شهر رمضان إلا بالخيل قد أحاطت بهم حين
أسفروا ، وقال لحميد : أراك مداهنا وامره بالتجرد لقتال محمد فتولى قتال عيسى
بن موسى في ذلك اليوم عيسى بن زيد ومحمد جالس بالمصلى واشتد الامر بينهم ، ثم
جاء محمد
فباشر القتال بنفسه فكان بازاء محمد حميد ابن قحطبة وبازاء
يزيد وصالح ابني معاوية بن عبد الله بن جعفر كثير بن حصين ، وكان محمد ابن ابي
العباس وعقبة بن مسلم بازاء جهينة . فأرسل صالح ويزيد إلى كثير يطلبان الامان
فاستأذن عيسى فقال :
لا امان لهما عندي فأعلمهما فهربا . فاقتتلوا إلى الظهر
ورماهم اهل خراسان بالنشاب واكثروا فيهم الجراح وتفرقوا عن محمد فأتى دار مروان
فصلى الظهر فيها فاغتسل وتحنط فقال عبد الله بن جعفر
ابن المسور بن مخرمة : إنه لا طاقة لك بمن ( يرى ) ، فالحق
بمكة قال : لو خرجت من المدينة وفقدوني لقتلوا أهل المدينة كقتل أهل الحرة وأنت
مني في حل يا أبا جعفر فاذهب حيث شئت .
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا عمر بن شبة
قال: حدثني هشام بن محمد ابن عروة بن هشام بن عروة عن ماهان بن بحر . وحدثني
مخلد بن يحيى الباهلي . عن قتيبة بن معن ، عن الفضيل بن سليمان النميري عن أخيه
وكان مع محمد قال : كانت
الخراسانية إذا نظروا إلى ابن خضير الزبيري يتنادون حضيرا آمد
فيتضعضعون لذلك . وقال الآخر : وأتينا برأس خضير فوالله ما جعلنا نستطيع حمله
لما به من الجراح كان كأنه باذنجانة مفلقة ، فكنا نضم أعظمه ضما .
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا عمر بن شبة
قال : أخبرني إبراهيم ابن أبي الكرام قال عيسى لحميد بن قحطبة عند العصر : اراك
قد أبطأت في أمر هذا الرجل فول حربه حمزة بن مالك قال : والله لو رمت أنت ذاك
ما تركتك أحين قتلت الرجال ووجدت ريح الفتح ؟ ثم جد في القتال ، حتى قتل محمد .
أخبرني عمر قال : حدثنا أبو زيد قال : حدثنا أزهر
بن سعد قال : دخل حميد بن قحطبة من زقاق أشجع على محمد . وقال المدائني : إن
محمدا قال لحميد بن قحطبة : ألم تبايعني فما هذا ؟ قال : هكذا نفعل بمن يفشى
سره إلى الصبيان .
أخبرني عمر قال : حدثنا أبو زيد قال : حدثني أبو
الحسن الحذاء قال : حدثني مسعود الرحال قال : رأيت محمدا يومئذ باشر القتال
بنفسه فانى أنظر إليه حين ضربه رجل بسيف دون شحمة أذنه اليمنى فبرك لركبتيه
وتعادوا عليه وصاح حميد بن قحطبة لا تقتلوه فكفوا عنه حتى جاء حميد فاحتز رأسه
. لعن الله حميدا وغضب عليه .
أخبرني عمر بن عبد الله قال :
حدثنا أبو زيد قال : حدثني محمد بن يحيى قال أخبرني الحرث بن اسحاق قال : برك
محمد على ركبتيه وجعل يذب عن نفسه يقول : ويحكم أنا ابن نبيكم مجروح مظلوم .
أخبرني عمر قال : حدثنا أبو زيد قال : حدثني محمد
بن اسماعيل قال : حدثني أبو الحجاج المنقري قال : رأيت محمدا يومئذ وإن أشبه ما
خلق الله به لما ذكر عن حمزة بن عبد المطلب ، يفري الناس بسيفه ما يقاربه أحد
إلا قتله ( ومعه سيف ) لا
والله ما يليق شيئا حتى رماه إنسان كأني أنظر إليه أحمر أزرق
بسهم . ودهمتنا الخيل فوقف إلى ناحية جدار . وتحاماه الناس فوجد الموت فتحامل
على سيفه فكسره فسمعت جدي يقول : كان معه سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ذو
الفقار .
حدثني علي بن العباس المقانعي قال : أنبأنا بكار
بن احمد قال : حدثنا إسحاق ابن يحيى عن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن
قال : لما كان اليوم الذي قتل فيه محمد رحمه الله قال لاخته : إني في هذا اليوم
على قتال القوم فان زالت الشمس
وأمطرت السماء فاني اقتل وإن زالت الشمس ولم تمطر السماء ،
وهبت الريح فانى أظفر بالقوم فإذا زالت الشمس فأسجري التنانير وهييئ هذه الكتب
فان زالت الشمس ومطرت السماء فاطرحي هذه الكتب في التنانير فان قدرتم على بدني
ولم تقدروا
على رأسي فأتوا به ظلة بني نبيه على مقدار اربعة أذرع أو خمسة
فاحفروا لي حفيرة وادفنوني فيها فلما مطرت السماء فعلوا ما أمرهم به وقالوا :
إنه علامة قتل النفس الزكية أن يسيل الدم حتى يدخل بيت عاتكة قال : وأخذ جسده
فحفروا له
حفيرة ، فوقعوا على صخرة فأدخلوا الحبال فأخرجوها فإذا فيها
مكتوب : هذا قبر الحسن بن علي بن أبي طالب . فقالت زينب : رحم الله أخي كان
أعلم حيث أوصى ان يدفن في هذا الموضع . أخبرني عمر قال : حدثنا أبو زيد قال :
حدثني عبد الله بن محمد بن البواب
قال : حدثني أبي عن عبد الله بن عامر الاسلمي قال : قال لي
محمد بن عبد الله ونحن نقاتل عيسى : تغشانا سحابة فان أمطرتنا ظهرنا وإن
جاوزتنا إليهم فانظر دمي على أحجار الزيت . فوالله ما لبثنا ان أظلتنا سحابة
فجالت وقعقعت حتى قلت تفعل ثم
جاوزتنا فأصابت عيسى وأصحابه فما كان إلا كلا ولا حتى رأيته
قتيلا بين أحجار الزيت . أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا عمر بن شبة قال :
حدثني علي ابن إسماعيل بن صالح بن ميثم : ان عيسى لما قدم قال جعفر بن محمد :
اهو هو ؟ قيل :
من تعني يا أبا عبد الله ؟ قال : المتلعب بدمائنا . ( أما )
والله لا يخلا منها شئ ( يعني محمدا وإبراهيم .
أخبرني محمد بن عبد الله قال حدثنا أبو زيد قال
حدثنا الرومي مولى جعفر ابن محمد قال : أرسلني جعفر بن محمد أنظر ما يصنعون
فجئته فأخبرته ان محمدا قتل وأن عيسى قبض على عين أبي زياد فأبلس طويلا ثم قال
: ما يدعو عيسى إلى ان يس بنا ويقطع أرحامنا فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها
شيئا أبدا .
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا أبو زيد قال
: حدثني أيوب بن عمر قال : لقى جعفر بن محمد أبا جعفر فقال : ( يا أمير
المؤمنين ) اردد علي عين أبي زياد آكل من سعفها . قال : إياي تكلم بهذا الكلام
؟ والله لازهقن نفسك . قال : لا تعجل قد
بلغت ثلاثا وستين وفيها مات أبي وجدي علي بن أبي طالب فعلى
كذا وكذا إن آذيتك بشئ ابدا وإن بقيت بعدك إن آذيت الذي يقوم مقامك فرق له
وأعفاه .
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا أبو زيد قال
: حدثني عبد الله بن محمد ابن البواب قال حدثني أبي عن الاسلمي قال : قدم علي
أبي جعفر قادم فقال : هرب محمد . فقال : كذبت نحن أهل بيت لا نفر .
أخبرني عمر قال : حدثنا أبو زيد قال : حدثني عبد
الله بن راشد بن يزيد قال : أخبرني أبو الحجاج الجمال قال : إنى لقائم على رأس
أبي جعفر وهو يسألني
عن مخرج محمد إذ بلغه أن عيسى ابن موسى هزم وكان متكئا فجلس
فضرب بقضيب معه مصلاه وقال : كلا فأين لعب صبياننا بها على المنابر ، ومشاورة
النساء .
أخبرني عمر قال حدثنا أبو زيد قال عمر بن شبة :
حدثني علي بن إسماعيل الميثمي قال : حدثني أبو كعب قال . حضرت عيسى حين قتل
محمدا فوضع رأسه بين يديه فأقبل على أصحابه فقال . ما تقولون في هذا ؟ فوقعنا
فيه . فأقبل عليهم قائد له
فقال . كذبتم والله وقلتم باطلا ما على هذا قاتلناه ولكنه
خالف أمير المؤمنين وشق عصا المسلمين وإن كان لصواما قواما . فسكت القوم .
أخبرني عمر قال . حدثني أبو زيد قال . حدثنا
يعقوب بن القاسم قال : حدثنا علي بن أبي طالب قال : قتل محمد بن عبد الله قبل
العصر يوم الاثنين لاربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان .
أخبرني عمر قال : حدثني أبو زيد قال : حدثنا عيسى
قال : حدثنا محمد ابن زيد ، وذكر ابن الحرث عن المدائني بعض ذلك ولم يذكره
الباقون : أن عيسى بعث بالبشارة إلى أبي جعفر ، القاسم بن الحسن بن زيد وبعث
برأسه مع ابن الكرام ( الجعفري . قال المدائني فدخل ابن أبي الكرام بالرأس )
وهو عاض على شفتيه .
أخبرني عمر قال : حدثني أبو زيد قال : حدثنا محمد
بن يحيى عن الحرث ابن إسحاق : أن زينب بنت عبد الله وفاطمة بنت محمد بن عبد
الله بعثتا إلى عيسى ابن موسى إنكم قد قتلتم هذا الرجل وقضيتم حاجتكم فلو أذنتم
لنا فواريناه فأرسل إليهما :
أما ما ذكرتما يا ابنتي عمي أنى نلت منه فوالله ما أمرت ولا
علمت فوارياه راشدتين فبعثتا إليه فاحتمل ، فقيل إنه حشى في مقطع عنقه عديله
قطنا ودفن بالبقيع .
أخبرني عمر قال : حدثني أبو زيد قال : حدثني محمد
بن إسماعيل قال : سمعت جدتي أم سلمة بنت محمد بن طلحة تقول : سمعت زينب بنت عبد
الله تقول . كان أخي رجلا أدم فلما أدخل علي وجدته قد تغير لونه وحال
حتى رأيت بقية من لحيته فعرفتها وأمرت بفراش فجعل تحته وقد
أقام في مصرعه يومه وليلته إلى غد فسال دمه ، حتى استنقع تحت الفراش فأمرت
بفراش ثان فسال دمه حتى رفع بالارض فجعلت تحته فراشا ثالثا ، فسال دمه وخلص من
فوقها جميعا .
أخبرني عمر بن عبد الله قال . حدثنا عمر بن شبة
قال . حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي قال . طيف برأس محمد في طبق أبيض ، فرأيته
آدم أرقط .
حدثني أحمد بن سعيد قال : حدثني يحيى بن الحسن
قال : حدثنا هرون ابن موسى الفروي قال : حدثتني أمي انها سمعت شعار أصحاب محمد
بن عبد الله ليلة خرج أحد أحد . محمد بن عبد الله . وقال أحمد بن الحرث الخراز
: عن المدائني في حديثه :
ذهب ابن حصين إلى السجن لما تفرق الناس وقتل محمد ، فذبح
رياحا ولم يجهز عليه وتركه يضطرب حتى مات ، وجاء ليقتل ابن خالد القسري ففطن به
فأغلق بابه فعالجه فلم يقدر على فتحه فتركه وأخذ ديوان محمد الذي فيه أسماء
رجاله فحرقه بالنار ثم لحق بمحمد فقاتل حتى قتل معه رحمة الله عليه .