- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني  ص 394 : -

* ( ذكر أيام الواثق بن المعتصم ) *


قال أبو الفرج علي بن الحسين : لا نعلم أحدا قتل في أيامه ، ألا أن علي ابن محمد بن حمزة ذكر أن عمرو بن منيع ، قتل علي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي ابن الحسين ، ولم يذكر السبب في ذلك ، فحكيناه عنه على ما ذكره ، فقتل في

الواقعة التي كانت بين محمد بن مكيال ومحمد بن جعفر هذا بالري . وكان آل أبي طالب مجتمعين بسر من رأى في أيامه تدر الارزاق عليهم حتى تفرقوا في أيام المتوكل . 

 

- ص 395 -

* ( ذكر أيام المتوكل جعفر بن محمد المعتصم ) *


ابن هارون الرشيد ومن ظهر فيها فقتل أو حبس من آل أبي طالب عليه السلام وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب ، غليظا على جماعتهم مهتما بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم ، وسوء الظن والتهمة لهم ، واتفق له ان عبيدالله ابن يحيى

بن خاقان وزيره يسئ الرأى فيهم ، فحسن له القبيح في معاملتهم ، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين وعفى أثاره ، ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحدا زاره إلا أتوه به فقتله أو

أنهكه عقوبة . فحدثني أحمد بن الجعد الوشاء ، وقد شاهد ذلك ، قال : كان السبب في كرب قبر الحسين أن بعض المغنيات كانت تبعث بجواريها إليه قبل الخلافة يغنين له إذا شرب ، فلما وليها بعث إلى تلك المغنية فعرف أنها غائبة ، وكانت قد

زارت قبر الحسين ، وبلغها خبره ، فأسرعت الرجوع ، وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها ، فقال لها : أين كنتم ؟ قالت : خرجت مولاتي إلى الحج وأخرجتنا معها وكان ذلك في شعبان ، فقال : إلى أين حججتم في شعبان ؟ قالت : إلى قبر

الحسين فاستطير غضبا ، وأمر بمولاتها فحبست ، واستصفى أملاكها ، وبعث برجل من أصحابه يقال له : الديزج ، وكان يهوديا فأسلم ، إلى قبر الحسين ، وأمره بكرب قبره ومحوه وإخراب كل ما حوله ، فمضى ذلك وخرب ما حوله ، وهدم

البناء وكرب ما حوله نحو مائتي جريب ، فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه احد ، فأحضر قوما من
 

- ص 396 -

اليهود فكربوه ، وأجرى الماء حوله ، ووكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل ، لا يزوره زائر إلا أخذوه ووجهوا به إليه . فحدثني محمد بن الحسين الاشناني ، قال : بعد عهدي بالزيارة في تلك الايام خوفا ، ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها

وساعدني رجل من العطارين على ذلك ، فخرجنا زائرين نكمن النهار ونسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية ، وخرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا ، فجعلنا نشمه ونتحرى جهته حتى أتيناه ، وقد قلع

الصندوق الذي كان حواليه وأحرق ، وأجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق ، فزررناه وأكببنا عليه فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط كشئ من الطيب ، فقلت للعطار الذي كان معي : أي رائحة هذه ؟ فقال : لا والله ما شممت

مثلها كشئ من العطر ، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه . واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج

الرخجي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ، ومنع الناس من البر بهم ، وكان لا يبلغه أن أحدا أبر أحدا منهم بشئ وان قل إلا أنهكه عقوبة ، وأثقله غرما ، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة ،

ثم يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر ، إلى أن قتل المتوكل ، فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم ، ووجه بمال فرقه فيهم ، وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه ونصرة لفعله . 


 

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب