- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني ص 294 : -

* ( ذكر مقتله رضوان الله عليه ورحمته ) *

حدثني به جماعة من الرواة منهم : احمد بن عبيدالله بن محمد بن عمار الثقفي وعلي بن إبراهيم العلوي ، وغيرهما ممن كتبت الشئ عنه من اخباره متفرقا ، أو رواه لي مجتمعا ، قال : احمد بن عبيدالله بن عمار ، قال : حدثني علي بن محمد بن سليمان

النوفلي ، عن ابيه ، قال ، وحدثني احمد بن سليمان بن ابي شيخ ، وعمر بن شبة النميري ، عن ابيه قال ، وحدثني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور ، ونسخت أيضا من أخباره ما وجدته بخط احمد بن الحرث الخراز . وحدثنا علي بن العباس

المقانعي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن المزني ، قال : حدثنا احمد بن الحسن بن مروان ، قال : قرأ على هذه الاخبار عبد العزيز بن عبد الملك الهاشمي ، قال علي بن إبراهيم ، قال الحسن بن محمد المزني ، حدثني علي بن محمد بن إبراهيم عن

بكر بن صالح ، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري وقد دخل حديث بعضهم في حديث الباقين ، واحدهم يأتي بالشئ لا يأتي به الآخر ، وقد أثبت جميع رواياتهم في ذلك ، إلا ما لعله أن يخالف المعنى خلافا بعيدا فأفرده ، قالوا : كان سبب خروج

الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أن موسى الهادي ولى المدينة إسحاق بن عيسى بن علي ، فاستخلف عليها رجلا من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبد العزيز بن عبد الله ، فحمل على الطالبيين واساء
 

- ص 195 -

إليهم ، وافرط في التحامل عليهم ، وطالبهم بالعرض كل يوم ، وكانوا يعرضون في المقصورة ، واخذ كل واحد منهم بكفالة قرينه ونسيبه فضمن الحسين بن علي ويحيى ابن عبد الله بن الحسن ، الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن ، ووفى أوائل

الحاج وقدم من الشيعة نحو من سبعين رجلا ، فنزلوا دار ابن افلح بالبقيع وأقاموا بها ، ولقوا حسينا وغيره ، فبلغ ذلك العمري فأنكره ، وكان قد اخذ قبل ذلك الحسن ابن محمد بن عبد الله ، وابن جندب الهذلي الشاعر ، ومولى لعمر بن

الخطاب ، وهم مجتمعون ، فأشاع انه وجدهم على شراب ، فضرب الحسن ثمانين سوطا ، وضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا ، وضرب مولى عمر سبعة أسواط ، وأمر بأن يدار بهم في المدينة مكشفي الظهور ليفضحهم . فبعثت إليه الهاشمية

صاحبة الراية السوداء في ايام محمد بن عبد الله فقالت له : لا ولاكرامة لا تشهر احدا من بني هاشم وتشنع عليهم وأنت ظالم . فكف عن ذلك وخلى سبيلهم . رجع الحديث إلى خبر الحسين . قالوا : فلما اجتمع النفر من الشيعة في دار ابن أفلح

اغلظ العمري أمر العرض ، وولى على الطالبيين رجلا يعرف بأبي بكر بن عيسى الحائك مولى الانصار فعرضهم يوم جمعة فلم يأذن لهم بالانصراف حتى بدأ أوائل الناس يجيئون إلى المسجد ، ثم أذن لهم فكان قصارى احدهم ان يغدو ويتوضأ للصلاة

ويروح إلى المسجد ، فلما صلوا حبسهم في المقصورة إلى العصر ثم عرضهم فدعا باسم الحسن بن محمد فلم يحضر ، فقال ليحيى والحسين بن علي : ليأتياني به أو لاحبسنكما فان له ثلاثة أيام لم يحضر العرض ولقد خرج أو تغيب ، فراده بعض

المرادة وشتمه يحيى ، وخرج فمضى ابن الحائك هذا فدخل على العمري فأخبره فدعا بهما فوبخهما وتهددهما ، فتضاحك الحسين في وجهه وقال : أنت مغضب يا أبا حفص فقال له العمرى : أتهزأ بي وتخاطبني بكنيتي ؟ فقال له : قد كان أبو بكر وعمر ، وهما خير منك ، يخاطبان بالكنى فلا ينكران ذلك وأنت تكره الكنية وتريد المخاطبة بالولاية .
 

- ص 296 -

فقال له : آخر قولك شر من أوله . فقال : معاذ الله ، يأبى الله لي ذلك ومن أنا منه . فقال له : أفأنما أدخلتك إلي لتفاخرني وتؤذيني ؟ فغضب يحيى بن عبد الله فقال له : فما تريد منا ؟ فقال : أريد أن تأتياني بالحسن بن محمد . فقال : لا نقدر عليه ،

هو في بعض ما يكون فيه الناس ، فابعث إلى آل عمر ابن الخطاب فاجمعهم كما جمعتنا، ثم اعرضهم رجلا رجلا فان لم تجد فيهم من قد غاب أكثر من غيبة الحسن عنك فقد أنصفتنا ، فحلف على الحسين بطلاق امرأته وحرية مماليكه أنه لا يخلي عنه

أو يجيئه به في باقي يومه وليلته ، وأنه إن لم يجئ به ليركبن إلى سويقة فيخربها ويحرقها ، وليضربن الحسين الف سوط ، وحلف بهذه اليمين إن وقعت عينه على الحسن بن محمد ليقتلنه من ساعته . فوثب يحيى مغضبا فقال له : أنا أعطي الله عهدا،

وكل مملوك لي حر إن ذقت الليلة نوما حتى آتيك بالحسن بن محمد أولا اجده ، فأضرب عليك بابك حتى تعلم أني قد جئتك . وخرجا من عنده وهما مغضبان ، وهو مغضب ، فقال الحسين ليحيى بن عبد الله : بئس لعمر الله ما صنعت حين تحلف لتأتينه

به ، وأين تجد حسنا ؟ قال : لم أرد أن آتيه بالحسن والله ، وإلا فأنا نفي من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن علي عليه السلام بل أردت إن دخل عيني نوم حتى أضرب عليه بابه ومعي السيف ، إن قدرت عليه قتلته . فقال له الحسين : بئسما

تصنع تكسر علينا أمرنا . قال له يحيى : وكيف أكسر عليك أمرك ، وإنما بيني وبين ذلك عشرة ايام حتى تسير إلى مكة ، فوجه الحسين إلى الحسن بن محمد فقال : يابن عمي ، قد بلغك ما كان بيني وبين هذا الفاسق ، فامض حيث أحببت .
 

- ص 297 -

فقال الحسن : لا والله يابن عمي ، بل أجئ معك الساعة حتى اضع يدي في يده . فقال له الحسين : ما كان الله ليطلع علي وانا جاء إلى محمد صلى الله عليه وآله وهو خصمي وحجيجي في دمك ، ولكن اقيك بنفسي لعل الله أن يقيني من النار .

قال : ثم وجه ، فجاءه يحيى ، وسليمان ، وإدريس ، بنو عبد الله بن الحسن وعبد الله بن الحسن الافطس ، وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا وعمر بن الحسن بن علي ابن الحسن بن الحسين بن الحسن ، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن

الحسن بن علي ، وعبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ووجهوا إلى فتيان من فتيانهم ومواليهم ، فاجتمعوا ستة وعشرين رجلا من ولد علي ، وعشرة من الحاج ، ونفر من الموالي . فلما اذن المؤذن للصبح

دخلوا المسجد ثم نادوا : " أحد ، أحد " وصعد عبد الله بن الحسن الافطس المنارة التي عند رأس النبي - صلى الله عليه وآله - عند موضع الجنائز فقال للمؤذن : أذن بحي على خير العمل ، فلما نظر إلى السيف في يده اذن بها وسمعه العمري فأحس

بالشر ودهش ، وصاح : اغلقوا البغلة الباب واطعموني حبتي ماء . قال علي بن إبراهيم في حديثه : فولده إلى الآن بالمدينة يعرفون ببني حبتي ماء . قالوا : ثم اقتحم إلى دار عمر بن الخطاب وخرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم بن عمر ، ثم

مضى هاربا على وجهه يسعى ويضرط حتى نجا ، فصلى الحسين بالناس الصبح ودعا بالشهود العدول الذين كان العمري اشهدهم عليه أن يأت ، بالحسن إليه ودعى بالحسن وقال للشهود : هذا الحسن قد جئت به فهاتوا العمري وإلا والله خرجت

من يميني ومما علي . ولم يتخلف عنه احد من الطالبيين إلا الحسن بن جعفر ابن الحسن بن الحسن ، فانه استعفاه فلم يكرهه . وموسى بن جعفر بن محمد .


فحدثني علي بن إبراهيم العلوي ، قال : حدثني حمدان بن إبراهيم ، قال : حدثنا يحيى بن

- ص 298 -

الحسين بن الفرات ، قال : حدثني عنيزة القصباني ، قال : رأيت موسى بن جعفر بعد عتمة وقد جاء إلى الحسين صاحب فخ ، فانكب عليه شبه الركوع وقال : أحب أن تجعلني في سعة وحل من تخلفي عنك ، فأطرق الحسين طويلا لا يجيبه ، ثم رفع

رأسه إليه فقال : انت في سعة . حدثني علي بن إبراهيم ، قال : حدثني جعفر بن محمد الفزاري ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب ، قال : حدثنا عنيزة القصباني بهذا : رجع الحديث إلى حيث انتهى من قصصهم . قال : وقال الحسين لموسى بن جعفر في

الخروج فقال له : إنك مقتول فأحد الضراب فان القوم فساق يظهرون إيمانا ، ويضمرون نفاقا وشركا ، فانا لله وإنا إليه راجعون . وعند الله عزوجل أحتسبكم من عصبة . قال : وخطب الحسين بن علي بعد فراغه من الصلاة فحمد الله واثنى عليه

وقال : أنا ابن رسول الله ، على منبر رسول الله ، وفي حرم رسول الله ، ادعوكم إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله - أيها الناس : أتطلبون آثار رسول الله في الحجر والعود ، وتتمسحون بذلك ، وتضيعون بضعة منه ! فقال الراوي للحديث :

فقلت في نفسي قولا أسره : إنا لله ما صنع هذا بنفسه . قال : وإلى جنبي عجوز مدنية فقالت : اسكت ويلك ، الابن رسول الله تقول هذا ؟ قلت يرحمك الله والله ما قلت هذا إلا للاشفاق عليه . قالوا : فأقبل خالد البربري وكان مسلحة للسلطان بالمدينة

في السلاح ومعه اصحابه حتى وافوا باب المسجد الذي يقال له : باب جبرائيل ، فنظرت إلى يحيى ابن عبد الله قد قصده وفي يده السيف فأراد خالد أن ينزل فبدره يحيى فضربه على جبينه ، وعليه البيضة والمغفر والقلنسوة ، فقطع ذلك كله وأطار قحف رأسه

- ص 299 -

وسقط عن دابته ، وحمل على أصحابه فتفرقوا وانهزموا . وحج في تلك السنة مبارك التركي فبدأ بالمدينة للزيارة فبلغه خبر الحسين فبعث إليه من الليل : إنى والله ما احب ان تبتلي بي ولا ابتلي بك ، فابعث الليلة إلي نفرا من اصحابك ولو عشرة

يبيتون عسكري حتى انهزم واعتل بالبيات ، ففعل ذلك الحسين ، ووجه عشرة من اصحابه فجعجعوا بمبارك وصيحوا في نواحي عسكره فطلب دليلا يأخذ به غير الطريق فوجده فمضى به حتى انتهى إلى مكة . وحج في تلك السنة العباس بن

محمد ، وسليمان بن أبي جعفر ، وموسى بن عيسى ، فصار مبارك معهم ، واعتل عليهم بالبيات . وخرج الحسين بن علي قاصدا إلى مكة ومعه من تبعه من اهله ومواليه واصحابه وهم زهاء ثلاثمائة ، واستخلف على المدينة دينار الخزاعي ، فلما

قربوا من مكة فصاروا بفخ وبلدح تلقتهم الجيوش فعرض العباس على الحسين الامان والعفو والصلة فأبى ذلك اشد الإ باء . قال الحسين بن محمد : وحدثني سليمان بن عباد قال : لما أن رأى الحسين المسودة اقعد رجلا على جمل ، معه سيف يلوح

به والحسين يملي عليه حرفا حرفا يقول : ناد فنادى : يا معشر الناس ، يا معشر المسودة ، هذا الحسين بن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وابن عمه ، يدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله . قال الحسن : وحدثني محمد بن

مروان عن أرطاة ، قال لما كانت بيعة الحسين ابن علي صاحب فخ قال : ابايعكم على كتاب الله وسنة رسول الله ، وعلى ان يطاع الله ولا يعصى ، وادعوكم إلى الرضا من آل محمد وعلى ان نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ،

والعدل في الرعية ، والقسم بالسوية ، وعلى أن تقيموا معنا وتجاهدوا عدونا فان نحن وفينا لكم وفيتم لنا ، وإن نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم . قال الحسن بن محمد في حديثه : فحدثني كثير بن إسحاق بن إبراهيم قال :
 

- ص 300 -

سمعت الحسين ليلة جمعة ونحن ببطن مر ، ولقينا عبيد بن يقطين ، ومفضل الوصيف وهما في سبعين فارسا ، والحسين راكب على حمار إدريس بن عبد الله وهو يقول : يا اهل العراق ، إن خصلتين إحدهما الجنة لشريفتان ، والله لو لم يكن معي

غيري لحاكمتكم إلى الله عزوجل حتى الحق بسلفي . رجع الحديث إلى أوله . قال : ولقيته الجيوش بفخ وقادها : العباس بن محمد ، وموسى بن عيسى ، وجعفر ومحمد ابنا سليمان ، ومبارك التركي ، ومنارة ، والحسن الحاجب والحسين ابن يقطين،

فالتقوا في يوم التروية وقت صلاة الصبح ، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة فصار محمد بن سليمان في الميمنة ، وموسى في الميسرة ، وسليمان بن أبي جعفر والعباس ابن محمد في القلب . فكان أول من بدأهم موسى فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا

حتى انحدروا في الوادي وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم ، فطحنهم طحنة واحدة حتى قتل اكثر اصحاب الحسين . وجعلت المسودة تصيح للحسين : يا حسين ، لك الامان فيقول : ما اريد الامان ، ويحمل عليهم حتى قتل . وقتل معه سليمان

بن عبد الله بن الحسن ، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن وأصابه الحسن بن محمد بنشابة في عينه وتركها في عينه ، وجعل يقاتل اشد القتال ، فناداه محمد بن سليمان : يابن خال ، اتق الله في نفسك ولك الامان . فقال : والله مالكم أمان ولكني

اقبل منكم ، ثم كسر سيفا هنديا كان في يده ، ودخل إليهم ، فصاح العباس بن محمد بابنه عبد الله : قتلك الله إن لم تقتله ، ابعد تسع جراحات تنتظر هذا ؟ فقال له موسى بن عيسى : إي والله عاجلوه ! فحمل عليه عبيدالله فطعنه ، وضرب العباس ابن

محمد عنقه بيده صبرا ، ونشبت الحرب بين العباس بن محمد ، ومحمد بن سليمان وقال : أمنت ابن خالي فقتلتموه فقالوا : نحن نعطيك رجلا من العشيرة تقتله مكانه . وذكر احمد بن الحرث في روايته : أن موسى بن عيسى هو الذي ضرب عنق الحسن بن محمد .

- ص 301 -

قال احمد بن الحرث : وحدثني يزيد بن عبد الله الفارسي ، قال : كان حماد التركي ممن حضر وقعة فخ ، فقال للقوم : أروني حسينا ، فأروه إياه ، فرماه بسهم فقتله فوهب له محمد بن سليمان مائة الف درهم ومائة ثوب . قالوا : وغضب موسى على

مبارك التركي لانهزامه عن الحسين وحلف ليجعلنه سائسا . وغضب على موسى في قتله الحسن بن محمد صبرا وقبض اموالهم . وكان يقول : متى توافي فاطمة اخت الحسين بن علي ؟ والله لاطرحنها إلى السواس ، فمات قبل أن يوافي بها .


حدثني علي إبراهيم العلوي ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن هاشم ، قال : حدثني محمد بن منصور عن القاسم بن إبراهيم ، عمن ذكره ، قال : رأيت الحسين صاحب فخ وفد دفن شيئا ، فظننت انه شئ له مقدار ، فلما كان من أمره ما كان نظرنا فإذا هو قطعة من جانب قد قطع فدفنه ثم عاد فكر عليهم .

قال الحسن : وحدثني محمد بن منصور ، قال : حدثني مصفى بن عاصم ، قال : حدثني سليمان بن إسحاق القطان ، قال : حدثني ابوالعرجا الجمال : أن موسى بن عيسى دعاه فقال له : احضرني جمالك . قال : فجئته بمائة جمل ذكر ، فختم اعناقها

وقال : لا افقد منها وبرة إلا ضربت عنقك ، ثم تهيأ للمسير إلى الحسين صاحب فخ فسار حتى اتينا بستان بني عامر فنزل فقال لي : إذهب إلى عسكر الحسين حتى تراه وتخبرني بكل ما رأيت . فمضيت فدرت فما رأيت خللا ولا فللا . ولا رأيت

إلا مصليا أو مبتهلا ، أو ناظرا في مصحف أو معدا للسلاح قال : فجئته فقلت : ما اظن القوم إلا منصورين . فقال : وكيف ذاك يابن الفاعلة ؟ فأخبرته فضرب يدا على يد وبكى حتى ظننت انه سينصرف ثم قال : هم والله اكرم عند الله ، واحق بما

في ايدينا منا ، ولكن الملك عقيم ، ولو ان صاحب القبر - يعني النبي صلى الله عليه وآله - نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف ، يا غلام . اضرب بطبلك ، ثم سار إليهم ، فوالله ما انثنى عن قتلهم .
 

- ص 302 -

رجع الحديث إلى حيث انقطع . قالوا : جاء الجند بالرؤس إلى موسى ، والعباس ، وعندهم جماعة من ولد الحسن والحسين ، فلم يتكلم احد منهم بشئ إلا موسى بن جعفر فقال له : هذا رأس الحسين . قال : نعم إنا لله وإنا إليه راجعون ، مضى والله

مسلما صالحا صواما قواما آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، ما كان في اهل بيته مثله . فلم يجيبوه بشئ . قال : وحملت الاسرى إلى موسى الهادى ، وفيهم العذافر الصيرفي ، وعلي بن سابق القلانسي ، ورجل من ولد الحاجب بن زارة ، فأمر

بهم فضربت اعناقهم ، ومن بين يديه رجل آخر من الاسرى واقف ، فقال انا مولاك يا امير المؤمنين فقال : مولاي يخرج علي ، ومع موسى سكين ، فقال : والله لاقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا قال : وغلبت عليه العلة فمكث ساعة طويلة ثم

مات ، وسلم الرجل من القتل فأخرج من بين يديه . فحدثني احمد بن عبيدالله بن عمار ، قال : قال احمد بن الحارث ، عن عمر ابن خلف الباهل ، ، عن بعض الطالبيين ، قال : لما قتل اصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة ، وامر الناس

بالوقيعة على آل أبي طالب ، فجعل الناس يوقعون عليهم حتى لم يبق احد ، فقال بقي احد قيل له : موسى بن عبد الله . واقبل موسى بن عبد الله على اثر ذلك ، وعليه مدرعة وإزار غليظ ، وفي رجليه نعلان من جلود الاءبل ، وهو اشعث اغبر حتى

قعد مع الناس ولم يسلم عليه ، وإلى جنبه السري بن عبد الله من ولد الحرث بن العباس بن عبد المطلب ، فقالو لموسى بن عيسى : دعني اكشف عليه باله ، واعرفه نفسه . قال أخافه عليك . قال : دعني ، فأذن له فقال له يا موسى . قال أسمعت فقل . قال : كيف رأيت مصارع البغي الذي لا تدعونه لبني عمكم المنعمين عليكم . فقال موسى اقول في ذلك :
 

- ص 303 -

بني عمنا ردوا فضول دمائنا * ينم ليلكم اولا يلمنا اللوائم
فانا وإياكم وما كان بيننا * كذي الدين يقضي دينه وهو راغم


فقال السري : والله ما يزيدكم البغي إلا ذلة ، ولو كنتم مثل بني عمكم سلمتم - يعني موسى بن جعفر - وكنتم مثله ، فقد عرف حق بني عمه وفضلهم عليه فهو لا يطلب ما ليس له . فقال له موسى بن عبد الله :

فان الاولى تثني عليهم تعيبني * اولاك بنو عمي وعمهم ابي
فانك إن تمدحهم بمديحة * تصدق وإن تمدح اباك تكذب


قالوا : ولما بلغ العمري وهو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ عمد إلى داره ودور أهله فحرقها وقبض اموالهم ونخلهم ، فجعلها في الصوافي المقبوضة .


 

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب