* ( موسى بن عبد الله بن الحسن ) *
خبر موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب
حين ضربه المنصور بالسياط ويكنى أبا الحسن . وأمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد
الله بن زمعة بن الاسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى . ولدته هند ولها ستون
سنة .
قال حرمي بن أبي العلاء : حدثني الزبير قال : حدثني عمي مصعب
: أن هندا ولدت موسى ولها ستون سنة . قال : ولا تلد لستين إلا قرشية ولخمسين
إلا عربية . ولموسى تقول أمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله وهو صغير ترقصه :
إنك إن تكون جونا أنزعا * أجدر أن
تضرهم وتنفعا
وتسلك العيش طريقا مهيعا * فردا من الاصحاب أو مشيعا
أخبرني بقصته وضرب المنصور إياه في الدفعة الاولى
، عمر بن عبد الله بن جميل العتكي قال : حدثنا عمر بن شبة عن رجاله ونسخت من
كتاب احمد بن الحرث الخراز ذلك ولم أسمعه إلا أن عيسى بن الحسين دفع الكتاب
الذي نسخت هذا منه
إلي وقال لي : هذا كتاب احمد بن الحرث . وحدثني بقصته في
المرة الاخيرة احمد بن عبيدالله بن عمار قال : حدثني محمد ابن أبي الازهر قال :
أخبرنا عمر بن خلف الضرير قال : حدثتني بثينة الشيبانية وقد دخل بعض الحديث في
بعض ( وسقت خبره فيه ) قال عمر بن شبة في حديثه : حدثني موسى بن عبد الله بن
موسى عن ابيه عن جده قال : لما صرنا بالربذة
أرسل أبو جعفر إلى أبي أن أرسل إلي أحدكم واعلم أنه غير عائد
اليكم أبدا فابتدره بنو إخوته يعرضون أنفسهم عليه فجزاهم خيرا وقال لهم : أنا
اكره أن أفجعهم بكم ولكن اذهب أنت يا موسى . قال : فذهبت وأنا يومئذ حدث السن ،
فلما نظر إلي قال:
لا أنعم الله بك عينا ، السياط يا غلام ، قال : فضربت - والله
- حتى غشى علي فما أدري بالضرب ثم رفعت السياط عني واستدناني فقربت منه فقال :
أتدري ما هذا : هذا فيض فاض مني فأفرغت عليك منه سجلا ، لم استطع رده ، ومن
ورائه
والله الموت أو تفتدي منه . قال : قلت : والله يا أمير
المؤمنين إن كان ذنب فاني لبمعزل عن هذا الامر . قال : فانطلق فأتني بأخويك .
قال : فقلت : يا أمير المؤمنين تبعثني إلى رياح بن عثمان فيضع على العيون
والرصد فلا اسلك طريقا ألا اتبعني له
رسول ، ويعلم أخواي فيهربان مني . قال : فكتب إلى رياح : لا
سلطان لك على موسى . قال : فأرسل معي حرسا أمرهم أن يكتوبوا إليه بخبري . فقدمت
المدينة فنزلت في دار ابن هشام بالبلاط فأقمت بها شهورا . قال أحمد بن الحرث في
حديثه عن
المدائني : فكتب رياح إلى أبي جعفر : إن موسى مقيم يتربص بك
الدوائر ، وليس عنده شئ مما تحب فأمره أن يحمله إليه فحمله وبلغ محمدا خبره
فخرج من وقته . قال : ووجه محمد موسى إلى الشام يدعو إليه فقتل محمد قبل أن يصل
وقيل : إنه رجع إليه فشهد معه مقتله ثم هرب حتى أتى البصرة مستترا فأقام بها .
فحدثني احمد بن عبيدالله بن عمار قال : حدثني
محمد بن الازهر قال : حدثنا عمر بن خلف الضرير قال : حدثتني بثينة الشيبانية
وكانت أرضعت احمد بن عيسى ابن زيد والفضل بن جعفر بن سليمان : أن موسى لما قدم
من الشام إلى البصرة أتاها
فنزل عندها في منزلها ببني غبر . قالت : فقلت له : بأبي أنت ،
قد قتل اخواك وولى البصرة محمد بن سليمان وانت خاله ، وليس عليك بأس . قالت
فأرسل رسولا ليشتري له طعاما فحمله على حمال أسود صغير من الغلمان الذين يحملون
حوائج
الناس فقالوا له : كم كراء ما حملت ؟ قال: أربعة دوانيق
فأعطوه فلم يرض فازداد حتى أعطوه اربعة دراهم فرضى وانصرف . قالت : فوالله ما
غسل يده من طعامه حتى أحاطت الخيل بالدار فلما أحس موسى بذلك جزع ، وأشرفت أنظر
وقلت : ليست هذه الخيل اليكم ، هؤلاء يطلبون قوما من الدعار
من جيراننا فوالله ما أتممت الكلام حتى وافتنا الخيل في الدرا . وكان مع موسى
ابنه عبد الله ، ومولى له ، ورجل آخر من شيعته فدخل الجند الدار ومع بعضهم شئ
ملفوف في كساء
على كفل دابة من دوابهم فكشفوا الكساء فإذا الاسود الحمال
فقال لهم : هذا موسى بن عبد الله وهذا ابنه عبد الله وهذا مولاه وهذا لا أعرفه
. فوالله لكأنه صحبهم من الشام . واخذوهم حتى صاروا بهم إلى محمد بن سليمان
فقال لهم : لا قرب الله
قرابتكم ولا حيى وجوهكم تركتم كل بلد في الارض إلا بلدا أنا
فيه . فان وصلت ارحامكم عصيت أمير المؤمنين وإن اطعت أمير المؤمنين قطعت
أرحامكم وهو والله أولى بكم مني . قال : فحملهم إلى المنصور فضرب موس بن عبد
الله خمسمائة
سوط فصبر ، فقال المنصور لعيسى بن علي: عذرت اهل الباطل في
صبرهم - عني الشطار - ما بال هذا الغلام المنعم الذي لم تره الشمس. فقال موسى :
اأمير المؤمنين إذا صبر اهل الباطل على باطلهم فأهل الحق أولى . فلما فرغوا من
ضربه
اخرجوه فقال له الربيع : يافتى قد كان بلغني أنك من نجباء أهلك وقد رأيت خلاف
ما بلغني . فقال له موسى : وما ذاك ؟ قال : رأيتك بين يدي عدوك تحب أن تبلغ في
مكروهك وتزيد في مساءتك وأنت تماحكه في
جلدك كأنك تصبر على جلد غيرك فقال موسى :
إنى من القوم الذين تزيدهم * قسوا
وصبرا شدة الحدثان
وقد قيل : إن موسى لم يزل محبوسا حتى اطلقه المهدي وقيل إنه
توارى بعد ذلك حتى مات . وكان موسى يقول شيئا من الشعر فحدثني احمد بن سعيد قال
: حدثنا يحيى ابن الحسن قال : كتب موسى بن عبد الله إلى زوجته أم سلمة بنت محمد
بن طلحة ابن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة أم ابنه عبد الله بن موسى
يستدعيها للخروج إلى العراق :
لا تتركيني بالعراق فانها * بلاد بها
أس الخيانة والغدر
فانى ملئ ان اجئ بضرة * مقابلة الاجداد طيبة النشر
إذا انتسبت من آل شيبان في الذرا * ومرة لم تحفل بفضل ابي بكر
قال يحيى بن الحسن والزبير فيما حدثني احمد بن سعيد عن يحيى وحرمي بن أبي
العلاء عن الزبير عن محمد بن إسماعيل الجعفري ومحمد بن عبد الله البكري : أن
موسى بن عبد الله قال :
إني زعيم ان أجئ بضرة * قراسية فراسة
للضرائر
فتكرم مولاها وترضى خليلها * وتقطع من اقصى اصول الحناجر
فأجابه الربيع بن سليمان مولى محمد وابراهيم بني عبد الله بن الحسن بن الحسن
فقال في ذلك :
أبنت أبي بكر تكيد بضرة ؟ * لعمري لقد
حاولت إحدى الكبائر
تغط غطيط البكر شد خناقه * وأنت مقيم بين صوحي عباثر
قال : وعباثر : ماء كان لموسى بن عبد الله . قال يحيى بن
الحسن : فسمعت محمد بن يوسف يقول ولم يذكر هذا الزبير ، قال : أمر موسى بهدايا
كان أعطاها ربيعا فارتجعت منه فبلغ ام سلمة زوجته ذلك
فحلفت لتضعفن له بيع الهدايا في مال موسى بن عبد الله فأجاز
ذلك موسى . قال أبو الفرج : وهذا ليس من هذا الباب ولكن الحديث ذو شجون والشئ
يذكر بالشئ .
حدثني أحمد بن سعيد قال : حدثنا يحيى بن الحسن
قال : حدثني إسماعيل بن يعقوب قال : حدثني عبد الله بن موسى عن ابيه قال : دخلت
مع أبي علي أبي العباس السفاح وأنا غلام حديث السن فالتفت إلى أبي فقال : لعل
ابنك هذا يروي لامية أبي
طالب . قال له : نعم يا أمير المؤمنين . قال : مره لينشدها .
فقال لي : قم فأنشده إياها فقمت فأنشدته إياها وأنا قائم . قال : ودخل موسى
يوما على الرشيد ثم خرج من عنده فعثر بالبساط فسقط فضحك الخدم . وضحك الجند
فلما قام التفت إلى هارون فقال : يا أمير المؤمنين إنه ضعف صوم لا ضعف سكر .
أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا عمر بن شبة
قال : قال عيسى بن عبد الله . وحدثني احمد بن سعيد قال : حدثني يحيى بن الحسن
قال حدثني إسماعيل ابن يعقوب: أن أبا جعفر لما قبض أموال عبد الله بن الحسن حج
فصاحت به عاتكة بنت عبد الملك
- وهي أم عيسى ، وسليمان وإدريس بني عبد الله بن الحسن - وهي
تطوف في ستارة : يا أمير المؤمنين ، أيتامك بنو عبد الله بن الحسن مات ابوهم في
حبسك وامرت بقبض ضياعهم . فأمر أبو جعفر بردها عليهم فجاءت عاتكة إلى الحسن بن
زيد فقال
لها : لم اسمع فأتيني ببينة ، فأتت عيسى بن محمد ، ومحمد بن
إبراهيم الامام فشهدوا بذلك فرد أموالهم فقال موسى : لا نقسم إلا على ما رسم
عبد الله بن الحسن .
فقالت عاتكة : هذا شئ قد كان السلطان قبضه ، وإنما رده
بمسئلتي . فقال : لا نحكم فيها - والله إلا بحكم عبد الله بن الحسن ، وكان عبد
الله قد فضل بني هند على غيرهم من إخوتهم . فقيل له : إن هذا إن بلغ السلطان
قبض الاموال. فقال : والله لقبضها
احب إلي من تغيير شروط عبد الله . فكتب إلى أبي جعفر في ذلك
فأمر ان يرد ويقسم على حكم عبد الله . أنشدني احمد بن سعيد ، قال : أنشدنا احمد
بن الحسن لموسى بن عبد الله :
لئن طال ليلي بالعراق لقد مضت * علي
ليال بالنظيم قصائر
إذا الحي منداهم معلاة فاللوى * فمشعر منهم منزل فقراقر
واذ لا يريم البئر بئر سويقة * قطين بها والحاضر المتحاور
* ( علي بن الحسن بن زيد ) *
وعلي بن الحسين بن زيد بن علي بن أبي طالب عليه السلام ويكنى
أبا الحسن . وأمه أم ولد تدعى أمة الحميد . كان أبو جعفر حبسه مع ابيه الحسن بن
زيد لما سخط عليه وصرفه عن المدينة وأقامه للناس ، فلم يزل علي محبوسا مع أبيه
حتى مات في
الحبس . ولما ولي المهدي اطلق الحسن بن زيد ، وله خبر طويل قد
وضعناه في موضعه من كتابنا الكبير إذ كان هذا ليس مما يجري مجرى من قتل في
معركة أو غيرها فيذكر خبره هاهنا .
* ( حمزة بن اسحاق بن علي ) *
وحمزة بن إسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وأمه
أم ولد . وجد عليه أبو جعفر فأقامه للناس ، وحبسه فمات في حبسه ، رضوان الله
عليه ورحمته .