- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني ص 118 : -

* ( أيام أبي العباس السفاح ) *

قال أبو الفرج علي بن الحسين الاصبهاني رحمه الله : ولا أعلمه قتل احدا منهم ، ولا اجرى إلى جليس له مكروها إلا أن محمدا وإبراهيم خافاه فتواريا عنه ، وكانت بينه وبين أبيهما مخاطبات في أمرهما . منها ما اخبرني به عمر بن عبد الله بن

جميل العتكي قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثني محمد بن يحيى قال : لما تولى أبو العباس ، وفد إليه عبد الله بن الحسن ابن الحسن واخوه الحسن بن الحسن ، فوصلهما وخص عبد الله وآخاه وآثره حتى كان يتفضل بين يديه في ثوب ، وقال له :

ما رأى امير المؤمنين غيرك على هذا الحال ولكن امير المؤمنين إنما يعدك عما ووالدا . وقال له : إنى كنت احب أن اذكر لك شيئا . فقال عبد الله : ما هو يا امير المؤمنين ؟ فذكر ابنيه محمدا ، وإبراهيم ، وقال : ما خلفهما ومنعهما ان يفدا إلى امير

المؤمنين مع اهل بيتهما ؟ قال : ما كان تخلفهما لشئ يكرهه امير المؤمنين . فصمت أبو العباس ثم سمر عنده ليلة أخرى فأعاد عليه ، ثم فعل ذلك به مرارا ، ثم قال له : غيبتهما بعينك ، أما والله ليقتلن محمد على سلع وليقتلن إبراهيم على النهر العياب .

فرجع عبد الله ساقطا مكتئبا فقال له اخوه الحسن بن الحسن : مالي أراك مكتئبا ؟ فأخبره ، فقال : هل انت فاعل ما اقول لك ؟ قال : ما هو ؟ قال . إذا سألك عنهما فقل : عمهما حسن اعلم الناس بهما فقال له عبد الله وهل انت محتمل ذلك لي ؟ قال :

نعم . فدخل عبد الله على ابي العباس كما كان يفعل ، فرد عليه ذكر ابنيه فقال له : عمهما يا امير المؤمنين اعلم الناس بهما فاسأله عنهما ، فصمت عنه حتى افترقا ثم ارسل إلى الحسن فقص عليه ذلك فقال يا امير المؤمنين اكلمك على هيبة الخلافة أو كما يكلم الرجل ابن عمه ؟
 

- ص 119 -

قال بل كما يكلم الرجل ابن عمه ، فإنك واخاك عندي بكل منزلة . قال : إنى اعلم ان الذي هاج لك ذكرهما بعض ما قد بلغك عنهما فأنشدك الله هل تظن ان الله إن كان قد كتب في سابق علمه ان محمدا وإبراهيم وال ( 1 ) من هذا الامر شيئا ثم اجلب

اهل السماوات والارض بأجمعهم على ان يردوا شيئا مما كتب الله لمحمد وإبراهيم اكانوا راديه ؟ وإن لم يكن كتب لمحمد ذلك انهم حائزون إليه شيئا منه ؟ فقال : لا والله ما هو كائن إلا ما كتب الله . فقال : يا امير المؤمنين ففيم تنغيصك على هذا الشيخ

نعمتك التي اوليته وإيانا معه ؟ . قال : فلست بعارض لذكرهما بعد مجلسي هذا ما بقيت إلا ان يهيجني شئ فأذكره . فقطع ذكرهما وانصرف عبد الله إلى المدينة .


اخبرني احمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن جعفر قال: حدثني علي بن احمد الباهلي قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : اخبرني عمر ابن عبد الله العتكي قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثنا موسى بن سعيد بن عبد الرحمن

وايوب بن عمر عن اسماعيل بن ابي عمرو قالوا : لما بنى أبو العباس بناءه بالانبار الذي يدعى برصافة ابي العباس . قال لعبدالله بن الحسن : ادخل معي فانظر فدخل معه فلما رآه قال : الم تر حوشبا ؟ ثم قطع . فقال له أبو العباس : انفذه . قال .

يا امير المؤمنين ما اردت إلا خيرا . فقال . والعظيم لا تريم أو تنفذه فقال :

الم تر حوشبا امسى يبني * بيوتا نفعها لبني نفيلة
يؤمل ان يعمر الف عام * وامر الله يطرق كل ليله
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) - في تاريخ بغداد " إن قدر الله لمحمد وإبراهيم ان يليا من هذا الامر شيئا فجهدت وجهد اهل الارض معك ان يردوا ما قدر لهما اتردونه قال . لا . قال فأنشدك الله إن كان لم يقدر لهما ان يليا من هذا الامر شيئا فاجتمعا واجتمع اهل الارض معهما على ان ينالا ما لم يفدر لهما . اينالانه ؟ قال لا . " ( * )

 

 

- ص 120 -

قال عمر بن شبة في حديثه عن موسى بن سعيد . فاحتملها أبو العباس ولم يتلفه بها . وقال مصعب . فقال له . ما اردت بهذا ؟ فقال . ازهدك في القليل الذي بنيته .


اخبرني عمر بن عبد الله العتكي قال . حدثنا عمر بن شبة قال . حدثني يعقوب ابن القاسم قال . حدثني عمرو بن شهاب حدثني احمد بن سعيد قال . حدثنا يحيى ابن الحسن عن الزبير وحدثني حرمى بن ابي العلاء قال . حدثنا الزبير عن محمد بن الضحاك . ان ابا العباس كتب إلى عبد الله بن الحسن في تغيب ابنيه :

اريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد

وقال عمر بن شبة عن رجاله . إنه كتب به إلى محمد فأجابه بالابيات . ذكر الزبير عن محمد بن الضحاك : انها لعبدالله بن الحسن بن الحسن وذكر عمر بن شبة : انهم بعثوا إلى عبد الرحمن بن مسعود مع ابي حسن فأجابه بهذه الابيات :

وكيف يريد ذاك وانت منه * بمنزلة النياط من الفؤاد
وكيف يريد ذاك وانت منه * وزندك حين يقدح من زناد
وكيف يريد ذاك وانت منه * وانت لهاشم راس وهاد


أخبرني عمر بن عبد الله قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن ابي طالب قال : حدثنا الحسين بن زيد قال : حدثني عبد الله بن الحسن قال : بينا أنا في سمر مع ابي العباس ، وكان إذا تثاءب أو القى

المروحة قمنا فألقاها ليلة فقمنا فأمسكني فلم يبق غيري . فأدخل يده تحت فراشه فأخرج إضبارة كتب فقال : اقرأ يا ابا محمد فقرأت فإذا كتاب من محمد إلى هشام بن عمرو بن البسطام التغلبي يدعوه إلى نفسه . فلما قرأته قلت : يا أمير المؤمنين لك

عهد الله وميثاقه ألا تر منهما شيئا تكرهه ما كانا في الدنيا . قال أبو الفرج : ولعبدالله وولده في ايام ابي العباس وقبلها مع بني أمية اخبار في هذا الجنس من تغيبهما وطلبهم أياهما كرهت الاءطالة بذكرها واقتصرت على هذه الجملة منها .


 

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب