- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني ص 201 : -

* ( الحسن بن معاوية ) *

وممن أخذه أبو جعفر من آل أبي طالب ، وحبسه ، وضربه بالسوط من أصحاب محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب : - الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب . أمه وأم إخوته : يزيد وصالح ابني معاوية : فاطمة بنت الحسين بن الحسن ابن علي بن أبي طالب وأمها أم ولد . وخرجوا جميعا مع محمد بن عبد الله .


واستعمل الحسن بن معاوية على مكة . فلما قتل محمد بن عبد الله أخذه أبو جعفر فضربه بالسوط وحبسه . فلم يزل في الحبس حتى مات أبو جعفر ، فأطلقه المهدي .


أخبرني الحرمي بن أبي العلاء ، قال : حدثنا الزبير قال : حدثني عيسى بن عبد الله قال : دخل عيسى بن موسى على المنصور ، فقال : ألا أبشرك ؟ قال : بماذا ؟ قال : ابتعت وجه دار عبد الله بن جعفر من بني معاوية بن عبد الله الحسن ويزيد ، وصالح . فقال له ( أتفرح ؟ ) والله ما باعوك إياها إلا ليقووا بثمنها عليك . فخرج الحسن ويزيد وصالح مع محمد بن عبد الله .


أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال : حدثنا الزبير قال : حدثني غسان عن أبيه قال : حدثني محمد بن إسحاق بن القاسم بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : أن محمد بن عبد الله بعث الحسن ، والقاسم بن اسحاق إلى مكة ، واستعمل الحسن على مكة ، والقاسم على اليمن .
 

- ص 202 -

أخبرني عمر العتكي ، والجوهري ويحيى بن علي عن عمر بن شبة ، عن عبد الله بن إسحاق وهو أخو محمد بن اسحاق الذي روى عنه الزبير قال : حدثني عبد الله بن يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر قال : أراد بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر

وكانوا خرجوا مع محمد بن عبد الله - أن يظهروا بعد قتله. فقال أبي للحسن بن معاوية : لا نظهر جميعا ، فانا إن فعلنا أخذك جعفر بن سليمان من بيننا . قال : وجعفر يومئذ على المدينة . فقال لابد من الظهور . فقال له : فان كنت فاعلا فدعني أتغيب

فانه لا يقدم عليك ما دمت متغيبا . قال : لا خير في عيش لست فيه . فلما ظهروا أخذ جعفر بن سليمان الحسن فقال له : أين المال الذي أخذته بمكة ؟ وكان أبو جعفر قد كتب إلى جعفر بن سليمان ان يجلد حسنا إن ظفر به . فلما سأله عن المال قال :

أنفقناه فيما كنا فيه وذاك شئ قد عفا عنه أمير المؤمنين . قال : وجعل جعفر بن سليمان يكلمه ، والحسن يبطئ في جوابه فقال له جعفر : أكلمك ولا تجيبني ! قال : ذلك يشق عليك ، لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا . قال : فضربه أربعمائة سوط ، وحبسه . فلم يزل محبوسا حتى مات أبو جعفر وقام المهدي فأطلقه وأجازه .


قال أبو زيد : وحدثني عيسى بن عبد الله، قال : لما ضرب جعفر بن سليمان الحسن بن معارية قال : أين كنت ؟ فاستعجم عليه فقال له : علي وعلي إن أقلعت عنك أبدا أو تخبرني أين كنت . قال : كنت عند غسان بن معاوية مولى عبد الله بن الحسن .

فبعث جعفر إلى منزل غسان فهرب منه فهدم داره ثم جاء بعد فأمنه . قال : ولم يكن الحسن عند غسان إنما كان عند نفيس صاحب قصر نفيس : قال أبو زيد : فحدثني عيسى بن عبد الله ، قال : لم يزل الحسن بن معاوية
 

- ص 203 -

في حبس جعفر بن سليمان ، حتى حج أبو جعفر ، فعرضت له حمادة بنت معاوية ، فصاحت به : يا أمير المؤمنين ، الحسن بن معاوية قد طال حبسه فانتبه له : وقد كان ذهل عنه ، فسار به معه حتى وضعه في حبسه ولم يزل محبوسا حتى ولي

المهدي . قال الزبير في خبره الذي أخبرني به الحرمى عن الزبير قال : حدثني عبد الله ابن الحسن بن القاسم : ان الحسن بن معاوية قال لابي جعفر وهو في السجن وقد أتاه نعى أخيه يزيد بن معاوية يستعطفه على ولده :

إرحم صغار بني يزيد إنهم * أيتموا لفقدي لا لفقد يزيد
وارحم كبيرا سنه متهدما * في السجن بين سلاسل وقيود

ولئن أخذت بجرمنا وجزيتنا * لنقتلن به بكل صعيد
أو عدت بالرحم القريبة بيننا * ما جدكم من جدنا ببعيد


قال أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الاصفهاني : ومن مختار ما رثي به محمد ابن عبد الله من الشعر ، قول غالب بن عثمان الهمداني أنشدنيه عمر بن عبد الله العتكي ، عن عمر بن شبة :

يادار هجت لي البكاء فأعولي * حييت منزلة دثرت ودارا
بالجزع من كنفي سويقة أصبحت * كالبرد بعد بني النبي قفارا

الحاملين إذا الحمالة أعجزت * والاكرمين أرومة ونجارا
والممطرين إذا المحول تتابعت * دررا تداولها المحول غزارا

والذائدين إذا المخافة أبرزت * سوق الكواعب ييتدرن حصارا
وثبت نتيلة وثبة بعلوجها * كانت على سلفى نتيلة عارا

فتصلمت ساداتها وتهتكت * حرما محصنة الخدور كبارا
ولغت دماء بني النبي فأصبحت * خضبت بها الاشداق والاظفارا

- ص 204 -

لا تسقني بيديك إن لم أبتعث * لبني نتيلة جحفلا جرارا
لجبا يضيق به الفضاء عرمرما * يغشى الدكادك قسطلا موارا

فيه بنات بني الصريح ولاحق * قبا تغادر في الخليف مهارا
يخرجن من خلل الغبار عوابسا * يورين في حصب الاماعز نارا
فننال في سلفى نتيلة ثارنا * فيما ينال وندرك الاوتارا


وقال أبو الحجاج الجهني :

بكر النعي بخير من وطئ الحصى * ذي المكرمات وذي الندى والسؤدد
بالخاشع البر الذي من هاشم * أمسى ثقيلا في بقيع الغرقد
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه * أن قام مجتهدا بدين محمد
 

وقال عبد الله بن مصعب :

سالت دموعك ضلة قد هجت لي * برحاء وجد يبعث الاحزانا
هلا على المهدي وابني مصعب * أذريت دمعك ساكبا تهتانا

ولفقد إبراهيم حين تصدعت * عنه الجموع فواجه الاقرانا
والله ما ولد الحواضن مثله * أمضى وأرفع محتدا ومكانا

وأشد ناهضة وأقول للتي * تتقى مصارع أهلها العدوانا
رزء لعمرك لو يصاب بمثله * ميطان صدع رزءه ميطانا
 

وقال عبد الله بن مصعب أيضا . أنشدنيه ابن سعيد عن يحيى بن الحسن عن اسماعيل بن يعقوب :

يا صاحبي دعا الملامة واعلما * أن لست في هذا بألوم منكما

- ص 205 -

وقفا بقبر ابن النبي وسلما * لا بأس أن تقفا به فتسلما

قبر تضمن خير أهل زمانه * حسبا وطيب سجية وتكرما
( لم يجتنب قصد السبيل ولم يحد * عنه ولم يفتح بفاحشة فما )
( 1 )

بطل يخوض بنفسه غمراتها * لا طائشا رعشا ولا مستسلما
حتى مضت فيه السيوف وربما * كانت حتوفهم السيوف وربما

أضحى بنو حسن أبيح حريمهم * فينا وأصبح نهبهم متقسما
ونساؤهم في دورهن نوائح * سجع الحمام إذا الحمام ترنما

يتوسلون بقتلهم ويرونه * شرفا لهم عند الامام ومغنما
والله لو شهد النبي محمد * صلى الإله على النبي وسلما

إشراع أمته الاسنة لابنه * حتى تقطر من ظباتهم دما
حقا لايقن أنهم قد ضيعوا * تلك القرابة واستحلوا المحرما
 

وقال إبراهيم بن عبد الله يرثى أخاه :

سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا * فان بها ما يدرك الطالب الوترا
وإنا أناس لا تفيض دموعنا * على هالك منا ولو قصم الظهرا

ولست كمن يبكي أخاه بعبرة * يعصرها من جفن مقلته عصرا
ولكنني أشفى فؤادي بغارة * ألهب في قطري كتائبها جمرا
 

 

هامش

 
 

( 1 ) وفي نسخة بعدها :
لو أعظم الحدثان شيئا قبله * بعد النبي به لكنت المعظما
أو كان أمتع بالسلامة قبله * أحدا لكان قصاره أن يسلما
ضحوا بابراهيم خير ضحية * فتصرمت أيامه وتصرما

 

 

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب