- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني  ص 374 : -

* ( علي بن موسى بن جعفر ) *


والرضا علي بن موسى بن جعفر ( 1 ) بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام ويكنى أبا الحسن وقيل : يكنى أبا بكر ، وأمه أم ولد . ( 2 )


قال أبو الفرج : حدثني الحسن بن علي الخفاف ، قال : حدثنا عيسى بن مهران ، قال : حدثنا أبو الصلت الهروي ( 3 ) ، قال : سألني المأمون يوما عن مسألة فقلت : قال فيها أبو بكر كذا وكذا . فقال : من ( هو ) أبو بكر ؟ أبوبكرنا أو أبو بكر العامة ؟ . قلت : أبوبكرنا .

 

هامش

 
 

( 1 ) - الطبري 10 - 243 - 244 و 250 وابن الاثير 6 - 120 ومروج الذهب 2 - 235 والتنبيه والاشراف 302 وتاريخ الخلفاء 205 والفخري 196 198 ومناقب الائمة 387 وابن خلكان 1 - 321 والارشاد 277 - 289 و ( عيون اخبار الرضا ) .
( 2 ) - يقال لها : أم البنين كما في الارشاد 278 .
( 3 ) - هو عبد السلام بن صالح بن سليمان العبشمي مولاهم روى عن حماد ابن زيد ومالك وروى عنه محمد بن رافع ، واحمد بن سيار وقال : رأيته يقدم أبا بكر وعمر قيل : توفي سنة ست وثلاثين ومائتين . راجع خلاصة تذهيب الكمال 201 . ( * ) 

 

 

- ص 375 -

قال عيسى : قلت لابي الصلت : من أبوبكركم ؟ فقال : علي بن موسى الرضا ، كان يكنى بها ، وامه ام ولد . كان المأمون عقد له على العهد من بعده ، ثم دس إليه فيما بعد ذلك سما فمات منه .


* ( ذكر الخبر في ذلك ) *

أخبرني ببعضه علي بن الحسين بن علي بن حمزة ، عن عمه محمد بن علي بن حمزة العلوي ، واخبرني بأشياء منه احمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن العلوي ، وجمعت أخبارهم : أن المأمون وجه إلى جماعة من آل أبي طالب

فحملهم إليه من المدينة : وفيهم علي بن موسى الرضا ، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاؤه بهم ، وكان المتولي لاشخاصهم المعروف بالجلودي من اهل خراسان ، فقدم بهم على المأمون فأنزلهم دارا ، وانزل علي بن موسى الرضا دارا .

ووجه إلى الفضل ابن سهل فأعلمه انه يريد العقد له ، وأمره بالاجتماع مع اخيه الحسن بن سهل على ذلك ، ففعل واجتمعا بحضرته ، فجعل الحسن يعطم ذلك عليه ، ويعرفه ما في إخراج الامر من اهله عليه . فقال له : إني عاهدت الله أن أخرجها

إلى أفضل آل أبي طالب إن ظفرت بالمخلوع وما أعلم أحدا أفضل من هذا الرجل . فاجتمعا معه على ما أراد، فأرسلهما إلى علي بن موسى فعرضا ذلك عليه فأبى ، فلم يزالا به وهو يأبي ذلك ويمتنع منه ، إلى أن قال له أحدهما : إن فعلت وإلا فعلنا

بك وصنعنا ، وتهدده ، ثم قال له أحدهما : والله : أمرني بضرب عنقك إذا خالفت ما يريد. ثم دعا به المأمون فخاطبه في ذلك فامتنع ، فقال له قولا شبيها بالتهدد ، ثم قال له : إن عمر جعل الشورى في ستة أحدهم جدك ، وقال : من خالف فاضربوا

عنقه ، ولابد من قبول ذلك . فأجابه علي بن موسى إلى ما التمس . ثم جلس المأمون في يوم الخميس ، وخرج الفضل بن سهل فأعلم الناس برأي 
 

- ص 376 -

المأمون في علي بن موسى ، وأنه ولاه عهده ، وسماه الرضا . وأمرهم بلبس الخضرة والعود لبيعته في الخميس الآخر على أن يأخذوا رزق سنة ، فلما كان ذلك اليوم ركب الناس من القواد والقضاة وغيرهم من الناس في الخضرة ، وجلس المأمون

ووضع للرضا وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه وفرشه . وأجلس الرضا عليهما في الحضرة ، وعليه عمامة وسيف . ثم أمر ابنه العباس بن المأمون فيابع له أول الناس فرفع الرضا يده فتلقى بظهرها وجه نفسه وببطنها وجوههم . فقال له

المأمون : ابسط يدك للبيعة . فقال له : إن رسول الله صلى الله عليه وآله هكذا كان يبايع ، فبايعه الناس ، ووضعت البدر : وقامت الخطباء والشعراء ، فجعلوا يذكرون فضل علي بن موسى وما كان من المأمون في أمره . ثم دعا أبو عباد بالعباس

بن المأمون ، فوثب ، فدنا من أبيه فقبل يده وامره بالجلوس ثم نودي محمد بن جعفر بن محمد ، فقال له الفضل بن سهل قم . فقام ، فمشى حتى قرب من المأمون ولم يقبل يده ، ثم مضى فأخذ جائزته وناداه المأمون ، ارجع يا ابا جعفر إلى مجلسك ،

فرجع . ثم جعل أبو عباد يدعو بعلوي وعباسي فيقبضان جوائزهما حتى نفذت الاموال . ثم قال المأمون للرضا ، قم فاخطب الناس وتكلم فيهم . فقال بعد حمد الله والثناء عليه إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى الله عليه وآله ، ولكم علينا حق به ، فإذا

اديتم الينا ذلك وجب علينا الحق لكم . ولم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس . وامر المأمون فضربت له الدراهم وطبع عليها اسمه . وزوج إسحاق بن موسى ابن جعفر بنت عمه إسحاق بن جعفر بن محمد ، وامره ان يحج بالناس ، وخطب للرضا في كل بلد بولاية العهد .


فحدثني احمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن ( العلوي ) ، قال : حدثني من سمع عبد الجبار بن سعيد يخطب تلك السنة على منبر رسول الله 
 

- ص 377 -

بالمدينة فقال في الدعاء له : اللهم وأصلح ولي عهد المسلمين ، علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي ، عليهم السلام . ستة آباء هم ما هم * هم خير من يشرب صوب الغمام


حدثني الحسن بن الطبيب البلخي ، قال : حدثني محمد بن أبي عمر العدني ، قال : سمعت عبد الجبار يخطب ، فذكر مثله .

 

رجع الحديث إلى نظام خبر علي بن موسى .


قال : وزوج المأمون ابنته أم الفضل محمد بن علي بن موسى على حلكة لونه وسواده ، ونقلها إليه فلم تزل عنده . واعتل الرضا علته التي مات فيها ، وكان قبل ذلك يذكر ابني سهل عند المأمون فيزرى عليهما ، وينهي المأمون عنهما ، ويذكر له

مساوئهما . ورآه يوما يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء فقال : يا أمير المؤمنين ، لا تشرك بعبادة ربك أحدا . فجعل المأمون يدخل إليه ، فلما ثقل تعالل المأمون وأظهر أنهما أكلا عنده جميعا طعاما ضار مرضا ، ولم يزل الرضا عليلا حتى

مات . واختلف في أمر وفاته ، وكيف كان سبب السم الذي سقيه ، فذكر محمد بن علي بن حمزة أن منصور بن بشير ذكر عن أخيه عبد الله بن بشير ، ان المأمون أمره ان يطول اظفاره ففعل ، ثم اخرج إليه شيئا يشبه التمر الهندي ، وقال له :

افركه واعجنه بيديك جميعا ، ففعل . ثم دخل على الرضا فقال له : ما خبرك ؟ قال ، ارجو ان اكون صالحا . فقال له : هل جاءك احد من المترفقين اليوم ؟ قال : لا ، فغضب وصاح على غلمانه ، وقال له : فخذ ماء الرمان فانه مما لا يستغنى عنه .

ثم دعا برمان فأعطاه عبد الله بن بشير وقال له : اعصر ماءه بيدك ، ففعل وسقاه المأمون الرضا بيده فشربه ، فكان ذلك سبب وفاته ولم يلبث إلا يومين حتى مات . قال محمد بن علي بن حمزة ، ويحيى : فبلغني عن أبي الصلت الهروي : أنه دخل 
 

- ص 378 -

على الرضا بعد ذلك فقال له : يا أبا الصلت قد فعلوها : ( أي قد سقوني السم ) . ( وجعل يوحد الله ويمجده ) . قال محمد بن علي : وسمعت محمد بن الجهم يقول : إن الرضا كان يعجبه العنب فأخذ له عنب وجعل في موضع أقماعه الابر ، فتركت

أياما فأكل منه في علته فقتله وذكر أن ذلك من لطيف السموم . ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته ، وتركه يوما وليلة ، ثم وجه إلى محمد بن جعفر بن محمد ، وجماعة من آل أبي طالب . فلما أحضرهم وأراهم إياه صحيح الجسد لا

أثر به ، ثم بكى وقال : عز علي يا أخي أن أراك في هذه الحالة ، وقد كنت أؤمل أن أقدم قبلك ، فأبى الله إلا ما أراد . وأظهر جزعا شديدا وحزنا كثيرا . وخرج مع جنازته يحملها حتى أتى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن ، فدفنه هناك إلى

جانب هارون الرشيد . وقال أشجع بن عمرو السلمي يرثيه ، هكذا أنشدنيها علي بن الحسين بن علي ابن حمزة ، عن عمه ، وذكر أنها لما شاعت غير اشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد :

يا صاحب العيسى يحدي في أزمتها * اسمع واسمع غدا يا صاحب العيس
اقرا السلام على قبر بطوس ولا * تقرا السلام ولا النعمى على طوس

فقد أصاب قلوب المسلمين بها * روع وأفرخ فيها روع أبليس
وأخلست واحد الدنيا وسيدها * فأي مختلس منا ومخلوس

ولو بدا الموت حتى يستدير به * لاقى وجوه رجال دونه شوس
بؤسا لطوس فما كانت منازله * مما تخوفه الايام بالبوس

معرس حيث لا تعريس ملتبس * يا طول ذلك من نأي وتعريس
إن المنايا أنالته مخالبها * ودونه عسكر جم الكراديس

أوفى عليه الردى في خيس أشبله * والموت يلقي أبا الاشبال في الخيس
ما زال مقتبسا من نور والده * إلى النبي ضياء غير مقبوس 
 

- ص 379 -

في منبت نهضت فيه فروعهم * بباسق في بطاح الملك مغروس
والفرع لا يرتقي إلا على ثقة * من القواعد والدنيا بتأسيس

لا يوم أولى بتخريق الجيوب ولا * لطم الخدود ولا جدع المعاطيس
من يوم طوس الذي نادت بروعته * لنا النعاة وأفواه القراطيس

حقا بأن الرضا أودى الزمان به * ما يطلب الموت إلا كل منفوس
ذا اللحظتين وذا اليومين مفترش * رمسا كآخر في يومين مرموس

بمطلع الشمس وافته منيته * ما كان يوم الردى عنه بمحبوس
يا نازلا جدثا في غير منزله * ويا فريسة يوم غير مفروس

لبست ثوب البلى اعزز علي به * لبسا جديدا وثوبا غير ملبوس
صلى عليك الذي قد كنت تعبده * تحت الهواجر في تلك الاماليس

لولا مناقضة الدنيا محاسنها * لما تقايسها اهل المقاييس
احلك الله دارا غير زائله * في منزل برسول الله مأنوس


قال أبو الفرج : هذه القصيدة ذكر محمد بن علي بن حمزة انها في علي بن موسى الرضا .
 

قال أبو الفرج : وانشدني علي بن سليمان الاخفش لدعبل بن علي الخزاعي يذكر الرضا والسم الذي سقيه ، ويرثى ابنا له ، وينعى على الخلفاء من بني العباس :

على الكره ما فارقت احمد وانطوى * عليه بناء جندل ورزين
واسكنته بيتا خسيسا متاعه * وإنى على رغمي به لضنين

ولو لا التأسي بالنبي واهله * لا سبل من عيني عليه شؤون
هو النفس إلا ان آل محمد * لهم دون نفسي في الفؤاد كمين 
 

- ص 380 -

اضر بهم إرث النبي فأصبحوا * يساهم فيه ميتة ومنون
دعتهم ذئاب من امية وانتحت * عليهم دراكا ازمة وسنون

وعاثت بنو العباس في الدين عيثة * تحكم فيه ظالم وظنين
وسموا رشيدا ليس فيهم لرشده * وها ذاك مأمون وذاك امين

فما قبلت بالرشد منهم رعاية * ولا لولي بالامانة دين
رشيدهم غاو وطفلاه بعده * لهذا رزايا دون ذاك مجون

الا ايها القبر الغريب محله * بطوس عليك الساريات هتون
شككت فما ادري امسقى بشربة * فأبكيك ام ريب الردى فيهون ؟

وايهما ما قلت إن قلت شربة * وإن قلت موت إنه لقمين
ايا عجبا منهم يسمونك الرضا * ويلقاك منهم كلحة وغضون

اتعجب للاجلاف ان يتخيفوا * معالم دين الله وهو مبين
لقد سبقت فيهم بفضلك آية * لدي ولكن ما هناك يقين


هذا آخر خبر علي بن موسى الرضا .


اخبرنا أبو الفرج قال : حدثنا الحسن بن علي الخفاف ، قال : حدثنا أبو الصلت الهروي ، قال : دخل المأمون إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه فبكى وقال : اعزز علي يا اخي بأن اعيش ليومك ، وقد كان في بقائك امل ، واغلظ علي من ذلك

واشد ان الناس يقولون : إني سقيتك سما ، وانا إلى الله من ذلك برئ . فقال له الرضا : صدقت يا امير المؤمنين ، انت والله برئ . ثم خرج المأمون من عنده : ومات الرضا ، فحضره المأمون قبل ان يحفر قبره وامر ان يحفر إلى جانب ابيه ، ثم

اقبل علينا فقال : حدثني صاحب هذا النعش انه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء وسمك ، احفروا ، فحفروا فلما انتهوا إلى اللحد نبع ماء وظهر فيه سمك ، ثم غاض الماء ، فدفن فيه الرضا عليه السلام . 
 

- ص 381 -

* ( محمد بن عبد الله بن الحسن ) *


ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ويكنى ابا جعفر . وهو ابن الافطس الذي ذكرنا خبر قتل ابيه في ايام الرشيد وامه زينب بنت موسى بن عمر بن علي بن الحسين .


اخبرنا علي بن الحسن بن علي بن حمزة العلوي ، قال : اخبرني عمي محمد بن علي قال : اخبرني إبراهيم بن ابي محمد البريدي ، قال : كنا عند المعتصم وهو ولي عهد في ايام المأمون ، فأخذ عمود حديد ثقيل فشاله ثم قصر به ثماني قصرات ،

ثم طرحه من يده إلى العباس بن علي بن ريطة فقصر به ، سبعا ، ثم طرحه وفيه فضل فالتفت المعتصم إلى محمد بن عبد الله بن الافطس فقال له : اما انتم يا ابا جعفر فليس عندكم من هذا شئ . فقال له : إلي تقول هذا ؟ هاته ، فطرحه إليه ، فقال

هاها وهو يجيله ويقلبه حتى قصر به ست عشرة مرة ، ووجه المعتصم يتغير صفرة وحمرة وكان قد كلم المأمون في امره فقلده البصرة ، فلما طرحه من يده قال له : ودعني واخرج إلى عملك ، ففعل ، فلما خرج من عنده أتبعه بشربة مسمومة ،

وقال له : أحب ان تشرب هذا الشراب فانى ذكرتك واحببت ان تشربه وقت وصوله ، فشربه فمات من وقته . 

 

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب