- مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني ص 332 : -

* ( موسى بن جعفر بن محمد ) *

وموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام ويكنى أبا الحسن ، وابا إبراهيم . وأمه أم ولد تدعى حميدة .


حدثني احمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن قال : كان موسى بن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير ، وكانت صراره ما بين الثلاثمائة إلى المائتين دينار ، فكانت صرار موسى مثلا .


حدثني احمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى : أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأي موسى بن جعفر ، ويؤذيه إذا لقيه فقال له بعض مواليه وشيعته : دعنا نقتله ، فقال : لا ، ثم مضى راكبا حتى قصده في مزرعة له

فتواطأها بحماره ، فصاح لا تدس زرعنا فلم يصغ إليه واقبل حتى نزل عنده فجلس معه وجعل يضاحكه ، وقال له : كم غرمت على زرعك هذا ؟ قال : مائة درهم . قال : فكم ترجو ان تربح ؟ قال : لا ادري . قال : إنما سألتك كما ترجو . قال

مائة اخرى . قال : فأخرج ثلاثمائة دينار فوهبها له فقام فقبل رأسه ، فلما دخل المسجد بعد ذلك وثب العمري فسلم عليه وجعل يقول : الله اعلم حيث يجعل رسالته ، فوثب اصحابه عليه وقالوا : ما هذا ؟ فشاتمهم ، وكان بعد ذلك كلما دخل موسى

خرج يسلم عليه ويقوم له . فقال موسى لمن قال ذلك القول : أيما كان خيرا ما اردتم أو ما أردت .
 

- ص 333 -

حدثني احمد بن عبيدالله بن عمار ، قال : حدثني محمد بن عبد الله المدائني قال : حدثني أبي ، قال : حدثني بعض اأصحابنا . أن الرشيد لما حج لقيه موسى ابن جعفر على بغلة، فقال له الفضل بن الربيع: ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين ؟

فأنت إن طلبت عليها لم تدرك وإن طلبت لم تفت . قال : إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلة العير ، وخير الامور أوسطها .


* ( ذكر السبب في أخذه وحبسه ) *

حدثني بذلك احمد بن عبيدالله بن عمار ، قال : حدثنا علي بن محمد النوفلي عن أبيه وحدثني احمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن العلوي ، وحدثني غيرهما ببعض قصته ، فجمعت ذلك بعضه إلى بعض . قالوا : كان السبب في اخذ موسى

بن جعفر ان الرشيد جعل ابنه محمدا في حجر جعفر بن محمد بن الاشعث ، فحسده يحيى بن خالد بن برمك على ذلك وقال : إن افضت الخلافة إليه زالت دولتي ودولة ولدي . فاحتال على جعفر بن محمد ، وكان يقول بالاء مامة ، حتى داخله وانس

به ، واسر إليه ، وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على امره ويرفعه إلى الرشيد ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه ، ثم قال يوما لبعض ثقاته : اتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال يعرفني ما احتاج إليه من اخبار موسى بن

جعفر ؟ فدل على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد ، فحمل إليه يحيى بن خالد البرمكي ( ) ، وكان موسى يأنس إليه ويصله وربما افضى إليه بأسراره ، فلما طلب ليشخص به احس موسى بذلك ، فدعاه : إلى اين يابن اخي ؟ قال : إلى بغداد قال : علي دين وانا مملق ، قال : فأنا اقضي دينك
 

- ص 334 -

وافعل بك واصنع ، فلم يلتفت إلى ذلك ، فعمل على الخروج ، فاستدعاه أبو الحسن موسى فقال له : انت خارج ؟ فقال له : نعم لابد لي من ذلك فقال له : انظر يابن اخي واتق الله لا تؤتم اولادي ! وأمر له بثلاثمائة دينار ، واربعة آلاف درهم .

قالوا : فخرج علي بن إسماعيل حتى اتى يحيى بن خالد البرمكي ، فتعرف منه خبر موسى بن جعفر ، فعرفه إلى الرشيد وزاد فيه ، ثم اوصله إلى الرشيد فسأله عن عمه فسعى به إليه ، فعرف يحيى جميع خبره وزاد عليه وقال له : إن الاموال

تحمل إليه من المشرق والمغرب . وإن له بيوت أموال ، وانه اشترى ضيعة بثلاثين الف دينار فسماها اليسيرة ، وقال له صاحبها وقد احضره المال : لا آخذ هذا النقد ولا آخذ إلا نقدا كذا وكذا ، فأمر بذلك المال فرد واعطاه ثلاثين الف دينار من

النقد الذي سأل بعينه ، فسمع ذلك منه الرشيد وامر له بمائتي الف درهم نسبت له على بعض النواحي ، فاختار كور المشرق ، ومضت رسله لقبض المال . ودخل هو في بعض الايام إلى الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت ، وجهدوا

في ردها فلم يقدروا ، فوقع لما به ، وجاءه المال وهو ينزع فقال : وما اصنع به وانا موت ؟ ! وحج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي صلى الله عليه وآله فقال : يارسول الله إني اعتذر اليك من شئ اريد أن افعله اريد أن احبس موسى بن جعفر

، فانه يريد التشتت بين امتك وسفك دمائها . ثم امر به فأخذ من المسجد فأدخل إليه فقيده ، واخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان هو في إحديهما ، ووجه مع كل واحد منهما خيلا ، فأخذوا بواحدة على طريق البصرة ، والاخرى على طريق

الكوفة ، ليعمى على الناس امره، وكان موسى في التي مضت إلى البصرة ، فأمر الرسول ان يسلمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور ، وكان على البصرة حينئذ فمضى به ، فحبسه عنده سنة ثم كتب إلى الرشيد : ان خذه مني وسلمه إلى من شئت ،

وإلا خليت سبيله فقد اجهتدت ان آخذ عليه حجة فما اقدر على ذلك ، حتى إني لا تسمع عليه إذا دعا لعله
 

- ص 335 -

يدعو علي أو عليك فما اسمعه ، يدعو إلا لنفسه ، يسأل الله الرحمة والمغفرة . فوجه من تسلمه منه ، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد ، فبقى عنده مدة طويلة ، واراده الرشيد على شئ من امره فأبى ، فكتب إليه ليسلمه إلى الفضل بن يحيى ،

فتسلمه منه ، واراد ذلك منه فلم يفعله ، وبلغه انه عنده في رفاهية وسعة ودعة ، وهو حينئذ بالرقة ، فأنفذ مسرورا الخادم إلى بغداد على البريد ، وأمره أن يدخل من فوره إلى موسى فيعرف خبره . فان كان الامر على ما بلغه اوصل كتابا منه إلى

العباس بن محمد وامره بامتثاله ، واوصل كتابا منه إلى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد . فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري احد ما يريد ، ثم دخل على موسى فوجده على ما بلغ الرشيد ، فمضى من فوره إلى العباس

بن محمد والسندي بن شاهك ، فأوصل الكتابين اليهما . فلم يلبث الناس ان خرج الرسول يركض ركضا إلى الفضل بن يحيى ، فركب معه وخرج مشدوها دهشا حتى دخل على العباس فدعا العباس بالسياط وعقابين ، فوجه بذلك إليه السندي ، فأمر

بالفضل فجرد ثم ضربه مائة سوط . وخرج متغير اللون بخلاف ما دخل ، فذهبت قوته فجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا . وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد ، فأمر بتسليم موسى إلى السندي بن شاهك وجلس الرشيد مجلسا حافلا وقال : أيها الناس ،

إن الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي ، ورأيت ان العنه فالعنوه . فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج البيت والدار بلعنه . وبلغ يحيى بن خالد الخبر فركب إلى الرشيد ، فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتى جاءه من خلفه وهو لا

يشعر ، ثم قال له : التفت الي يا امير المؤمنين فأصغي إليه فزعا ، فقال له : إن الفضل حدث وانا اكفيك ما تريد فانطلق وجهه وسر ، فقال له يحيى : يا امير المؤمنين ، قد غضضت من الفضل بلعنك إياه فشرفه بازالة ذلك ، فأقبل على الناس فقال : إن الفضل قد عصاني في شئ فلعنته
 

- ص 336 -

وقد تاب واناب إلى طاعتي فتولوه . فقالوا نحن اولياء من واليت ، واعداء من عاديت ، وقد توليناه . ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد حتى وافى بغداد ، فماج الناس وارجفوا بكل شئ ، وظهر انه ورد لتعديل السواد ، والنظر في اعمال

العمال وتشاغل ببعض ذلك . ثم دخل ودعا بالسندي وامره فيه بأمره فلفه على بساط ، وقعد الفراشون النصارى على وجهه . وأمر السندي عند وفاته ان يحضر مولى له ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليغسله ، ففعل ذلك . قال :

وسألته ان يأذن لي في ان اكفنه فأبى وقال : إنا اهل بيت مهور نسائنا ، وحج صرورتنا ، واكفان موتانا من طاهر اموالنا ، وعندي كفني . فلما مات ادخل عليه الفقهاء ووجوه اهل بغداد وفيهم الهيثم بن عدي وغيره ، فنظروا إليه لا اثر به ، وشهدوا

على ذلك ، واخرج فوضع على الجسر ببغداد ، فنودي هذا موسى بن جعفر قد مات ، فانظروا إليه ، فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت .


وحدثني رجل من اصحابنا عن بعض الطالبيين : انه نودي عليه : هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لا يموت ، فانظروا إليه فنظروا ( 1 ) .

قالوا : وحمل فدفن في مقابر قريش رحمه الله ، فوقع قبره إلى جانب قبر رجل من النوفليين يقال له : عيسى بن عبد الله .
 

 

هامش

 
 

( 1 ) - توفى موسى لخمس بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وكانت ولادته سنة تسع وعشرين ومائة ، راجع ابن خلكان 2 - 173 وتاريخ بغداد 13 - 32 ( * )

 

 

- ص 337 -

* ( اسحاق بن الحسن بن زيد ) *

وإسحاق بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام وأمه أم ولد . حبسه هارون فمات في حبسه . ذكر ذلك محمد بن علي بن حمزة ، فيما اخبرنا به ابن اخيه عنه .
 

 


 

 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب