* ( محمد بن جعفر بن محمد ) *
خبر محمد بن جعفر بن محمد
بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام قالوا : وظهر في هذه الايام
محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة ودعا إلى نفسه . وبايع له أهل المدينة بامرة
المؤمنين ، وما بايعوا عليها بعد الحسين بن علي أحدا
سوى محمد بن جعفر بن محمد . وأم محمد بن جعفر أم ولد .
ويكنى أبا جعفر . وكان فاضلا مقدما في أهله . وأمر المأمون آل أبي طالب بخراسان
أن يركبوا مع غيره من آل أبي طالب فأبوا أن يركبوا إلا معه فأقرهم .
وقد روى الحديث وأكثر الرواية
عن أبيه ، ونقل عنه المحدثون مثل : محمد بن أبي عمر العبدي ، ومحمد بن سلمة ،
وإسحاق بن موسى الانصاري ، وغيرهم من الوجوه .
قال أبو الفرج : حدثنا أحمد
بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن منصور قال : ذكر محمد بن جعفر بحضرة أبي
الطاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله ، فسمعنا أبا الطاهر يحسن الثناء عليه ، وقال
: كان عابذا فاضلا ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما
قال أبو الفرج : حدثني أحمد
بن محمد بن سعيد ، قال أخبرنا يحيى بن الحسن قال : سمعت مؤملا يقول : رأيت محمد
بن جعفر يخرج إلى الصلاة بمكة في سنة بمائتي رجل من الجارودية وعليهم ثياب
الصوف ، وسيماء الخير ظاهر .
قال أبو الفرج : حدثني
أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى ، قال : كانت خديجة بنت عبيدالله بن
الحسين بن علي بن الحسين تحت محمد بن جعفر بن محمد ، وكانت تذكر أنه ما خرج من
عندهم قط في ثوب فرجع حتى يهبه .
حدثني أحمد ، قال : حدثنا
يحيى ، قال : حدثنا موسى بن سلمة ، قال : كان رجل قد كتب كتابا في أيام أبي
السرايا يسب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وجميع أهل البيت ، وكان
محمد بن جعفر معتزلا تلك الامور لم يدخل في شئ منها
، فجاء الطالبيون فقرءوه عليه فلم يرد عليهم جوابا حتى
دخل بيته ، فخرج عليهم وقد لبس الدرع ، وتقلد السيف ، ودعا إلى نفسه ، وتسمى
بالخلافة وهو يتمثل :
لم أكن من جناتها علم الله * وإنى
بحرها اليوم صالي
قال يحيى بن الحسن : فسمعت
إبراهيم بن يوسف يقول : كان محمد بن جعفر قد أصاب أحد عينيه شئ فأثر فيها ، فسر
بذلك وقال : لارجو ا أن أكون المهدي القائم ، قد بلغني أن في إحدى عينيه شيئا ،
وأنه يدخل في هذا الامر وهو كاره له .
قال أبو الفرج : أخبرنا أحمد
بن عبيدالله بن عمار ، قال : حدثنا محمد بن علي المدائني ، قال : حدثنا إسحاق
بن موسى الانصاري ، قال سمعت محمد بن جعفر يقول : شكوت إلى مالك بن أنس ما نحن
فيه وما نلقى ، فقال : اصبر حتى يجئ تأويل هذه الآية (
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين )
.
أخبرني أحمد بن عبيدالله ، عن
علي بن محمد النوفلي عن أبيه ، وأخبرني علي بن الحسين بن علي بن حمزة العلوي ،
عن محمد ، عن عمه . أن جماعة من الطالبيين اجتمعوا مع محمد بن جعفر ، فقاتلوا
هارون بن المسيب بمكة قتالا شديدا ، وفيهم
الحسين بن الحسن الافطس ، ومحمد بن سليمان بن داود بن
الحسن بن الحسن ، ومحمد ابن الحسن المعروف بالسيلق ، وعلي بن الحسين بن عيسى بن
زيد ، وعلي بن الحسين
ابن زيد ، وعلي بن جعفر بن محمد ، فقتلوا من أصحابه
مقتلة عظيمة ، وطعنه خصي كان مع محمد بن جعفر فصرعه . وكر أصحابه فتخلصوه ، ثم
رجعوا فأقاموا بثبير في جبله مدة ، وأرسل هارون إلى محمد بن جعفر وبعث إليه ابن
أخيه علي
بن موسى الرضا ، فلم يصغ إلى رسالته . وأقام على الحرب .
ثم وجه إليه هارون خيلا فحاصرته في موضعه ، لانه كان موضعا حصينا لا يوصل إليه
، فلما بقوا في الموضع ثلاثا ونفذ زادهم وماؤهم ، جعل أصحابه يتفرغون ويتسللون
يمينا
وشمالا ، فلما رأى ذلك لبس بردا ونعلا ، وصار إلى مضرب
هارون فدخل إليه وسأله الامان لاصحابه ، ففعل هارون ذلك . هكذا ذكره النوفلي .
وأما محمد بن علي بن حمزة فإنه ذكر أن هذا كان من جهة عيسى الجلودي لا من جهة
هارون ، ثم
وجه إلى أولئك الطالبيين فحملهم مقيدين في محامل بلا
وطاء ليمضى بهم إلى خراسان ، فخرجت عليهم بنو نبهان. وقال علي بن محمد النوفلي
: خرج عليهم الغاضريون بزبالة ، فاستنقذوهم منه بعد حرب طويلة صعبة ، فمضوا هم
بأنفسهم إلى الحسن
بن سهل ، فأنفذهم إلى خراسان إلى المأمون . فمات محمد بن
جعفر هناك ، فلما أخرجت جنازته دخل المأمون بين عمودي السرير فحمله حتى وضعه في
لحده ، وقال : هذه رحم مجفوة منذ مائتي سنة ، وقضى دينه ، وكان عليه نحوا من
ثلاثين ألف دينار .