(
إن مذهباً يثبت نفسه من
كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل
والتحوير أحق أن يتجنب عنه )
- منع تدوين
الحديث - السيد علي الشهرستاني ص 29 :
|
السبب الثالث : ما ذهب
إليه ابن قتيبة وابن حجر
وقد أرجع هؤلاء سبب
إهمال الحديث إلى قلة الكتاب وندرة أدوات الكتابة عند العرب لا غير
( 1 ) .
وقد
أجاب الأعلام - كالشيخ عبد الخالق عبد الغني في حجية السنة
( 2 ) ،
وصبحي
الصالح في علوم الحديث ( 3 ) ،
والدكتور مصطفى الأعظمي في كتابه دراسات في
الحديث النبوي ( 4 ) ،
والعجاج الخطيب في السنة قبل التدوين (
5 ) ، وغيرهم - عن هذه الشبهة ،
وملخص أجوبتهم هو : أن جملة " لا
تكتبوا عني شيئا سوى القرآن " بنفسها دالة على وجود المؤهل للكتابة عند
العرب ، بل وجود الكتبة عندهم ، إذ لا يعقل أن يخاطب
|
* هامش * |
|
|
(1)
تأويل مختلف الحديث
: 366 ، هدى الساري : 4 .
(2)
حجية السنة : 430 و 444 .
(3) علوم
الحديث ومصطلحه : 6 .
(4) دراسات
في الحديث النبوي : 73 .
(5) السنة
قبل التدوين : 301 . ( * )
|
الرسول جمعا ليس لهم قدرة الكتابة بقوله : " لا تكتبوا " .
وقد ثبت في التاريخ وجود كتاب ، كزيد بن ثابت وعلي بن أبي
طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي بكر بن عمرو بن حزم وغيرهم ، ونحن قد
أوصلنا عدد هؤلاء الكتبة في كتابنا وضوء النبي
المجلد الثاني إلى 54 شخصا ، وعليه فالكتابة
كانت موجودة عند العرب ، ويضاف إليه وجود نيف وثلاثين كاتبا -
وفي آخر أربعين كاتبا - للرسول يحسنون الكتابة ، وقد كتبوا إلى الرؤساء والملوك
، وأن الإسلام كان يدعو إلى الكتابة وتعلمها .
إذن ، الكتابة كانت في حالة ازدياد ، فلا يمكن عزو إهمال الحديث إلى قلة الكتاب
، لأن الكتبة كانوا في حالة ازدياد لا نقصان ! أما ندر أدوات الكتابة ، فهو
الآخر لم يكن بالشئ القليل ، فالذين كتبوا ودونوا القرآن كان يمكنهم أن يكتبوا
الحديث في تلك الأدوات التي كتبوا فيها القرآن ، كالعسب والقتاب والأكتاف وقطع
الأديم وما شابه ذلك .
وبهذا فقد عرفنا عدم إمكان قبول تعليل ابن قتيبة وابن حجر . ونحن نترك الكلام
عن الأسباب الأخرى ( 1 ) من أجل ضيق الوقت ،
ونكتفي بالإشارة إلى ما قاله غالب كتاب الشيعة وما توصلنا إليه .
|
* هامش * |
|
|
(1)
لما قرر المركز طبع هذه المحاضرة رأينا من الضروري أن نطلب من سماحة السيد
الإشارة إلى الأسباب الأخرى التي تركها لضيق الوقت مختصرا ، ليتكامل البحث
ولا يحس المطالع بالإخلال فيه .
|
|