(
إن مذهباً يثبت نفسه من
كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل
والتحوير أحق أن يتجنب عنه )
- منع تدوين
الحديث - السيد علي الشهرستاني ص 35 :
|
السبب السابع : ما ذهب
إليه غالب كتاب الشيعة
أما ما قاله غالب
الشيعة فملخصه : أن النهي جاء للحد من نشر فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ،
واستنتج هؤلاء رأيهم من هيكلية النظام السياسي والاجتماعي ، وأن العمل الثقافي
ليس بأجنبي عن العمل السياسي ، وحيث أن الخليفة لا يرتضي
إعطاء أهل البيت
والهاشميين مكانا في النظام السياسي الجديد ، بل سعى لسلب كل ما يتكئون عليه ،
فلا يبعد أن تكون قرارات عمر في منع التدوين قد شرعت لهذا الغرض . وذهبوا إلى
أن ابن مسعود كان منحرفا عن علي ( 1 ) ، وأنه كان
يخالف
|
* هامش * |
|
|
(1)
لما أخرجه الخطيب البغدادي عن عبد الرحمن بن
الأسود عن أبيه قال : جاء علقمة بكتاب من مكة أو اليمن ، صحيفة فيها أحاديث
في
أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاستأذنا على عبد
الله فدخلنا عليه ، قال : فدفعنا إليه الصحيفة ، قال : فدعا الجارية ثم دعا
بطست فيه ماء ، فقلنا له : يا أبا عبد
الرحمن أنظر فيها فإن فيها أحاديث حسانا ، قال : فجعل يميثها فيها ويقول
( نحن نقص عليك أحسن
القصص . . . ) [
يوسف : 3 ] الخبر [
تقييد العلم : 54 ] . إذن المنع جاء لما في الصحيفة من أحاديث حسان
في أهل بيت النبي ( صلى
الله عليه وآله وسلم ) ! ! ( * )
|
التحديث والتدوين ، ونحن قد ذكرنا في كتابنا منع تدوين الحديث أنه
كان من المحدثين ( 1 ) والمدونين
( 2 ) وجئنا بشواهد على ذلك . أما ما قيل عن
تخلفه عن أهل البيت ، فهذا لا يصح ، لقول أبي موسى : قدمت أنا وأخي من اليمن
وما نرى ابن مسعود إلا أنه رجل من أهل بيت النبي ، لما نرى من دخوله ودخول أمه
على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( 3 ) .
|
* هامش * |
|
|
(1)
لما رواه عبد الله بن الزبير قال : قلت لوالدي
: مالي لا أسمعك تحدث عن رسول الله كما أسمع ابن مسعود وفلانا وفلانا
[ سنن ابن ماجة : 14 ] .
وروى عمرو بن ميمون قال : ما أخطاني ابن مسعود عشية خميس إلا أتيته [
سنن ابن ماجة : 421 ] .
وعن الشعبي : . . . وكان أصحاب عبد الله يقرأون الناس ويعلمونهم السنة
كعلقمة ومسروق . . . [ جامع بيان العلم 1 /
94 ] .
(2) فقد جاء
عن معن قوله : أخرج عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كتابا وحلف له أنه خط
أبيه بيده [ جامع بيان العلم وفضله 1 / 72 ]
.
وروى الطبراني عن عامر بن عبد الله بن مسعود : أنه كتب بعض الأحاديث
النبوية وفقه ابن مسعود وأرسل ذلك إلى يحيى بن كثير [
المعجم الكبير للطبراني 5 / 97 ، كما في
دراسات في الحديث النبوي للأعظمي 154 ] .
(3) الإصابة
2 / 369 ، وشرح النووي لصحيح مسلم 15 - 16 :
247 - 22 ح 2460 ، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير
، والترمذي في سننه . ( * )
|
وفي نص آخر : والله لقد رأيت عبد الله وما أراه إلا عبد آل محمد ( 1
) .
فكيف يمكن القول بأن المتخلف عن بيعة أبي بكر ( 2 ) ، والشاهد دفن الزهراء
( عليها السلام ) ( 3 ) ،
والراوي فضائل أصحاب الكساء كعلي
( 4 ) والزهراء ( 5
) والحسن ( 6 ) والحسين
( 7 ) والخلفاء بعدي اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني
إسرائيل ( 8 )
وفي آخر : الأئمة بعدي اثنا عشر تسعة من صلب الحسين تاسعهم
المهدي ( 9 ) ، أن يكون من المنحرفين عن علي بن أبي طالب وأهل البيت ( عليهم
السلام ) ؟ !
وعليه ، فنحن لا نقبل أن يكون ما علله كتاب الشيعة هو السبب
الأساس في ذلك ، لمجئ روايات الفضائل عن الشيخين في علي ، فلو كان المنع لهذا
السبب وحده لما وصلتنا هذه الروايات الكثيرة الدالة على إمامة علي وأهل بيت
الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
نعم إن الشيخين قد رويا في فضائل علي
وأهل بيت الرسول ، وقد عقد محب الدين الطبري بابا بعنوان ( ذكر ما رواه أبو بكر
في فضائل علي ) وباب ( ذكر ما رواه عمر في علي ) ، فلو كانا من رواة فضائل علي
فهل يصح أن تكون الفضائل هي السبب الأساس في المنع ؟ !
|
* هامش * |
|
|
(1)
سير أعلام النبلاء
1 / 468 ، المعرفة والتاريخ 2 / 541 - 542 .
(2) أنظر :
الخصال 2 / 464 في أبواب الاثني عشر .
(3) أنظر :
الخصال 2 / 361 باب السبعة ، تنقيح المقال
2 / 215 ، وكشف الغمة .
(4) كروايته : ( برز الإيمان كله
إلى الشرك كله ) و ( النظر إلى وجه علي عبادة ) و ( قسمت الحكمة عشرة أجزاء
فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا ) و ( علي أعلم بالواحد منهم ) .
(5) كروايته : ( إن فاطمة أحصنت
فرجها فحرم الله ذريتها على النار ) و . . .
(6)(7)
أنظر : مجمع الزوائد 9 / 179 ،
كامل الزيارات 51 ب 14 ح 4 - 8 .
(8) تنقيح
المقال 2 / 215 .
(9) كفاية
الأثر 2 / 19 . ( * )
|
|