|
|
السبب الرابع : ما ذهب إليه السمعاني والقاضي عياض
أما الصغرى ، فلوجود عدة من الصحابة لا يملكون هذه المقدرة ، كما جاء عن المتشددين في الحديث الذين لا يرتضون التحديث ، أمثال سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، خوفا من أن يزيدوا أو ينقصوا .
ويضاف إليه أنه جاء عن عمر أنه حفظ سورة البقرة في اثني عشر عاما ولما حفظها نحر جزورا [ الدر المنثور 1 / 21 ، سيرة عمر لابن الوزي : 165 ] ،
وأما الكبرى ، فالملائكة هم أكمل من بني الإنسان وأقدر منه على الحفظ ، فلم يكلفهم عز وجل بالكتابة ويقول : ( كراما كاتبين ) [ الانفطار : 11 ] ؟ ولو كان للحفظ هذه المنزلة فلماذا لا نجد معشار الآيات التي نزلت في الكتابة قد نزلت في الحفظ ؟ ولو كان الحفظ واجبا لكانت الكتابة منهيا عنها ومحرمة ، فلماذا نراهم يدونون القرآن ولا يدونون الحديث ؟ ولو صح هذا التعليل فلماذا يكون حكرا على العرب ؟ وكيف يفعل الفرس والأتراك لو أرادوا التدوين ؟ ألم تكن الشريعة عامة للجميع ؟ وماذا نفعل بقوة الحافظة لو مات الصحابي الحافظ إن لم نسجل كلامه ؟ ألا يعني هذا أن منع التدوين بدافع المحافظة على الحديث أشبه شئ بالتناقض ؟ وكيف يتصور أن يحث المعلم تلاميذه على العلم ويحرضهم على صون محفوظاتهم من النسيان ثم يوصيهم ألا يدونونها ولا يتدارسونها ؟ أليس صون العلم والمحافظة عليه بالكتابة والتدوين أولى وأجدى من حفظه واستظهاره ؟ ولو كان ما كتب قر وما حفظ فر فلم التأكيد على حفظ الحديث وتجويزه من قبل الحفاظ والقول أن منع الكتابة جاء للمحافظة على الذاكرة ؟ !
|
|